samedi 1 février 2025

الحرية والحب
1/2/2025
دائما كنت اتساءل، هل أنا ارتكبت ذنبا تحاسبني عليه السماء لأنني سمحت بسجن هذا الطائر الكناري المسكين في هذا القفص الذهبي الجميل؟ هل هذا المدلل الأصفر في بيتنا الذي نقدم له أفضل الخدمات، سيغادرنا إذ فتحنا له باب القفص، رغم كل ما نقدمه له من رعاية وخدمات على مدار الساعة؟ 
هل الطعام الذي نقدمه له لا يعجبه،،، رغم إننا نجلب له الحبوب التي يحبها كما نصحنا بها المشتغلين بتربية الطيور؟
زوجتي كانت تعمل الكثير ، حتى ترعى ذاك الطائر الضيف ذو الصوت الجميل، الذي كان يبهجنا، كان أداءه كفرقة موسيقية متكاملة شجية رائعة العزف...لكن كنا نشعر بأن وراء ذاك التغريد حزنا عميقا، وكنا نتساءل ما الذي يحزن ذاك المدلل، ما الذي يريده بعد؟
أحفادنا كانوا يجلسون حول الطاولة، جدتهم تضع أمامهم القفص وهم يحاولون تقليد زقزقاته الساحرة يصفقون له بفرح كلما أخرج لحنا من تلك النغمات الشجية المختلفة المتنوعة التي هي موهبة فريدة اخصه الله بها، وميزه عن باقي الطيور. 
 أكرمناه، وجعلنا قفصه معلقا في أجمل مكان في المنزل . وكنا نخاف عليه من برد الشتاء، ومن حر الصيف...نخاف عليه كأنه واحد من أفراد العائلة...
أنا كنت مقتنعا بأنه لن يغادرنا، هو سعيد عندنا دون أدنى شك ، وإذا فتحنا له باب القفص ربما سيطير في أرجاء المنزل ويملأه بهجة ويعود لمنزله، ولن يغادرنا أبدا، ولماذا يغادرنا؟ هو عندنا معزز مكرم جميعنا نحبه ونكرمه.
وماذا سيفعل هذا الجميل خارجا؟ سيطارده الصيادون ببنادقهم الحمقاء. وربما تلتهمه الطيور الجارحة ، وربما يتعذر أو يصعب عليه ايجاد الطعام والماء.
 في الخارج لن يحميه الصقيع والثلج، ولن يرحمه قيظ الصيف الملتهب... 
 بصراحة كان ذاك المدلل هاجسي. هل سيعود أو لا يعود؟ 
وأخيرا تولدت عندي قناعة بأنه لن يغادر. هو أذكى من أن يغادرنا.
اخيرا فتحت نوافذ البيت، دخلت نسمات الربيع الدافئة، ثم فتحت باب سجن الأصفر ...
تحرك الطائر في القفص كأنه في حالة ذهول، ثم طار و وقف على سطح قفصه، وغرد تغريدا لم اسمعه منه يوما، ثم دار في الغرفة عدة دورات وهو يزقزق زقزقة فرح لم نسمع مثلها يوما، وخرج من النافذة، محلقا في السماء وهو ينشد لحنا رائعا، أنا أسميته لحن الحب والحرية...
انتظرته أن يعود لكنه اختفي بقلب غيمات السماء ، انتظرته طويلا ومضت الأيام، وأنا أقنع أحفادي الحزانى الذين قاطعوني على غياب حبيبهم العصفور بأنه لا بد سيعود .لكنه لم يعد. أدركنا هو يعيش في الحرية، ربما كان ﻻ يبحث عن الحب، ربما كان يبحث عن رفيقة العمر...
عبده داود

المنفتحة للتكذيب ______________ تستدعي أذرعها .. للتخريب وعجلات قطار القتل تدور حتى يُجيب التابع والبعيد .. والقريب بلا تعقيب  تسطو بالقوة ....