samedi 8 février 2025

تحليل نقدي بقلم مشترك للاستاذ الشاعر محمد الوداني والشاعرة غزلان حمدي 

قصيدة "ويحاولون خذلاني" للشاعر يوسف بلعابي تعبر عن صراع داخلي بين المثقف الحر ومن يحاولون إسقاطه وإحباطه. يواجه الشاعر محاولات كسر قلمه وإسكات صوته، ويتساءل باستنكار عن الجدوى التي سيجنيها خصومه من سقوطه، فيرسم صورة سوداوية لواقع يمارس فيه المثقفون القمع على بعضهم البعض بدلًا من أن يكونوا داعمين للإبداع والمبدعين.

اللغة جاءت مباشرة وصريحة، لكنها تحمل عمقًا عاطفيًا يعكس وجع الشاعر وحجم الخيبة التي يشعر بها. اعتمد على التكرار في مواضع عديدة مثل "يحاولون خذلاني" و"أأنتم بحور الشعر؟!" ليؤكد الفكرة ويضفي إيقاعًا داخليًا مميزًا. كما استخدم التساؤلات المتكررة بصيغة ساخرة ليواجه بها خصومه، نازعًا عنهم القداسة التي يدّعونها في عالم الأدب.

التدفق العاطفي في القصيدة واضح، فهي تتخذ طابعًا خطابيًا قويًا أشبه بمنشور ثوري ضد التسلط الثقافي، لكنه خطاب ينبع من وجدان صادق، مما يمنح القصيدة بُعدًا وجدانيًا عاليًا. التصوير جاء بسيطًا لكنه مؤثر، حيث يستحضر صورًا مستمدة من الواقع، مثل تصويره للآخرين وهم يحتفلون بسقوطه بدلًا من دعمه، فيسألهم: "في أي الأعراس سيغنون ويرقصون حين أنكسر؟!"، وهو مشهد يعكس السخرية المريرة من واقع يضطهد فيه المثقف الحر.

الرسالة الفكرية واضحة وقوية، فالشاعر لا يدافع عن نفسه فقط، بل يطرح قضية أكبر تتعلق بحرية الفكر والتعبير، مؤكدًا أن الأدب ليس حكرًا على فئة معينة، وأن المبدع الحر يجب أن يُحتفى به لا أن يُقصى. في نهاية القصيدة، يتحول الخطاب إلى نداء أخلاقي يدعو فيه إلى دعم المواهب بدلًا من وأدها، مؤكدًا على أهمية احترام التعددية الفكرية والثقافية في زمن أصبح فيه الانفتاح ضرورة حتمية.

هذه القصيدة ليست مجرد شكوى شخصية، بل صرخة في وجه الظلم الثقافي، ونص يعكس النضال الفكري للمثقف الحر في مجتمع يحاول تقييده. بأسلوب بسيط لكنه مشحون بالعاطفة، استطاع يوسف بلعابي أن يقدم بيانًا أدبيًا قويًا في الدفاع عن الكلمة الصادقة والإبداع غير المأجور.

****

*ويحاولون خذلاني*

وفي كل مرة
يحاولون خذلاني
واحباطي
غايتهم المنشودة
كسر قلمي
وحرق أوراقي
لا أعرف ما سيجنون
وأي الغنائم سيظفرون
ومن أي الولائم والموائد سيأكلون
وفي أي الأعراس سيغنون ويرقصون
حين أنكسر وألتحف
برداء الخيبة والإحباط واليأس.
بعدما بذلت قصارى جهدي وسهرت الليالي
أبيت سهران في ركني القصي
أكتب أحزاني ومظالمي واشجاني
و أسكب دمي في محبرتي 
حين يجف الحبر من قلمي..؟!!
اه و يا خيبتي فيكم يا بعض
 مثقفي موطني ووطني
تحاولون بشتى الطرق
نبذ ما أكتب
اتظنون وتتخيلون
أن لا احد بعدكم ولا قبلكم
في العلم والأدب و المعرفة
وفي رسم الكلمات
أأنتم بحور الشعر
أأنتم القريض وأنتم من وضعتم البيان
وأنتم من تخطون حروف القرآن
لا تسهون ولا تخطئون أبدا ؟!!
أنتم الأوزان و القافية
وأن جميع أدباء ومثقفي العالم العربي
الذين كرموا حروفي وافتخروا بكلماتي
لأنها صادقة لا ترقص للنخب
و خالية من الزيف والكذب
وان قلمي حر ليس مأمورا !!!
ضالعون في الفكر والعلم و الأدب
 واللغة بصرفها ونحوها وعروضها
أنا أقول لكم بكل حرفية وأدب
كونوا انسانيون وللمواهب داعمون
ولا تكونوا من الذين يئدون
الإبداع والمبدعين
إننا نعيش في زمن احترام
 الرأي والرأي المخالف والمذاهب والأديان
 وحقوق الانسان وحرية التعبير

بقلمي يوسف بلعابي تونس

تحليل نقدي بقلم مشترك للاستاذ الشاعر محمد الوداني والشاعرة غزلان حمدي  قصيدة "ويحاولون خذلاني" للشاعر يوسف بلعابي تعبر عن صراع داخ...