بقلم الدكتور عوض أحمد العلقمي
لقد أصبح انقطاع المياه يمثل هما أعظم من هم غياب الكهرباء ؛ لأن الماء ليس بالأمر الهين الذي يمكن الاستغناء عنه أو التكيف مع غيابه ، بل هو الحياة بكل ماتعنيه الكلمة ، ألم يقل جل جلاله : "وجعلنا من الماء كل شيء حي" .
في برنامجي الأسبوعي تعودت أقضي يوم الجمعة من كل أسبوع عند صديقي الصدوق علي أحمد عامر في حي دار سعد ، ضمن كوكبة من المثقفين ، والشخصيات الاجتماعية الوازنة ، وعادة مايكون بمعيتي أحد الأصدقاء ، وقبل أن نصل إلى مقر الملتقى ، استلفت نظري بضعة طوابير طويلة من الذكور والإناث ، من الأطفال والشيوخ ، في أيديهم صهاريج صفراء فارغة ، تختلف في سعتها ؛ بين الخمسة لترات وبين العشرين ، تلتقي رؤوس تلك الطوابير على حافة حفرة كالبئر ، عمقها لايزيد على المترين تقريبا ، اقتربت منها ، وإذا بشاب في أعماقها ، يمسك الصهريج بيد وبالأخرى يمسك أنبوبا ينزل منه خيط ماء نحو الصهريج .
في هذه الأثناء سألت صديقي ، ماهذا الذي أرى ؟ قال : إنه السعي وراء محاولة الحصول على الماء في أحياء مديرية دار سعد ، بل ربما الحال نفسها في بقية مديريات حاضرة بحر العرب ، قلت : أما نحن فقد قام بعض المقتدرين بحفر آبار في حينا ، وبوساطة ألواح الطاقة الشمسية يسحبون المياه إلى صهاريج كبيرة في أعالي تلك الآبار ، ثم يقومون بتوزيعها عبر الأنابيب إلى المنازل ، مقابل مبالغ مالية ندفعها على رأس كل شهر ، صحيح أن مياهنا لاتخلو من الملوحة ، لكن أظن أن حالنا أفضل من حال هؤلاء في الحصول عليه ، قال : غير أن الأمر تترتب عليه أمور كارثية ياصديقي ، قلت : مثل ماذا ؟ قال : مثل أمراض الفشل الكلوي الذي انتشرت في بلادنا انتشار النار في الهشيم ، قلت : حسبنا الله في العقول القاصرة الذي تولت الأمر في بلادنا .