يا مَنْ مَضَى والروحُ تُشْهِدُني
أنَّ الغيابَ عنِ العيونِ صَعيبُ
بعدَكَ ضاعَ النورُ في دَرْبي
والكلُّ بعدَكَ كأسُهُ مسكوبُ
كنتَ الحياةَ التي تُحيي جوانِحَنا
والآنَ بعدَكَ ماتَ ذاكَ الطِّيبُ
كانَ الزمانُ بقربِكَ حلواً صافياً
واليومَ كُلُّ مذاقِهِ مَكْروبُ
أرى الوُجوهَ تُحيطُ بي لكنَّها
لا نورَ فيها لا رُؤىً لا طَيوبُ
كَأَنَّهُمْ أشباحٌ مرتْ عابراً
وحديثُهُمْ كَالوهمِ لا مَرْغوبُ
كانوا بوجودِكَ مُلْفِتينَ لِنَاظري
في غيابِكَ اختَفَتِ الوجوهُ
وهِي دائما غُيُوب
لا يَمْلأُ القلبَ سِواكَ يا سِرّي
فالكلُّ بعدَكَ كأسُهُ مَقْلوبُ
فارغٌ لا يحملُ شيئاً يُرتَجَى
مُراقٌ ليسَ فيهِ ذاكَ المَشروبُ
أنتَ السَّقاءُ وأنتَ نَبْعُ راحَتِنا
وجميعُهُمْ بعدَكَ ليسوا بمَحسوبُ
هذا الفراغُ بِداخلي يَقْتُلُني
وهذا الحُزنُ في القلبِ مَكتوبُ
لا أنيسَ بَعدَكَ يُؤنِسُ الوَحْدَهْ
فَالْكُلُّ بعدَكَ كأسُهُ مسكوبُ
تبقى بقلبي لا يُقارِنُكَ الورى
فَبُعدُكَ عني شَجْوٌ لا يَلُوبُ
ويظلُّ حُكمي: الكلُّ بعدكَ
كَكأسِ ماءٍ على الأرضِ مَسكوبُ