jeudi 29 mai 2025

حين سقط الحائط... قمتُ

شعر:
أحمد شاعر وزانسيان 

---

1. ظلالُ الحياد

سلكتُ جوارَ الجُدرانِ،
كمن يمشي على 
أطرافِ خوفهِ،
يلثُمُ ظلَّ ظِلِّه،
ويراوغُ الشكَّ 
المقيمَ بصدرِه.

أُواربُ الخطى،
كي لا تستفيق الريحُ 
من سبات الدروب،
وأُنقّط الكلامَ بصمتِ
 الخائفين من همس الهروب
كأنّي أرسم على رُقيّ الورقِ
 قُبلةَ صمتٍ لعوب..

أهدهدُ قلبي كي ينام،
كأني لا أريدُ من الحياةِ سوى السلام،
وأحلمُ ببحرٍ بلا أمواج،
وبسماءٍ تخلو من الأعاصير.

أتنفّسُ هواءً باردًا 
ينسابُ فوق وجهي،
يداعبُ روحي كما يداعبُ 
النسيمُ أوراقَ الخريف.

أُغري يديّ بشهقة فارغة
كأنها ورقةُ شجرٍ تائهةٌ في عاصفة الغياب،
وأُشبهُ الغيمَ الكسيرَ إذا توارى،
ليبللَ العنادَ ويذيبَ الجفاء،
وأُغسلَ بحبرِ دموعٍ لا تُرى،
تُسقي جذورَ وجعي المدفون،
تُحيي أرضًا جدباءَ لم تَعرف المطر.

---

2. خيانةُ الجدار

كنتُ أظنُّ أنَّ الحائطَ سندي
مأوىً للظلالِ وأمانًا من الريحِ،
لكنّه كان ركامَ سرابٍ
 في حرّ الصيف،
انهارَ فوقي فجأةً،
كسقفٍ انهدمَ على أحلامي المكسورة،

كأنّ الخوفَ سرقَ الوعد،
وغدرَ بالركنِ الثابتِ،
لم يكن إلا سرابًا،
قلبُهُ رمادٌ، والعهدُ رملٌ يتبدد،

وأنا الطيرُ الحائرُ فوق أغصانٍ خشنةٍ تكسرني،
لا مأوى لي سوى عري الأرض،
وأسمعُ صريرَ الحطام يتهاوى،
كالجرح المفتوحِ ينهشُ لحمي،
يُذيقني مرارة الخيانة،
ورائحة الخوفِ تتسللُ إلى أنفاسي،
كأنها دخانُ نارٍ لا تنطفئ.

---

3. انكشافُ الخديعة

فانكشفتْ لي الحقائقُ سافرة
كلمّا حاولتُ القبضَ على ذرةِ أمل،
كانت الجدرانُ تتصدعُ،
كوجوهٍ مقنّعةٍ بلا قلب،
مآوٍ للزيفِ والظلالِ المتداعية،

تتنفسُ الصمتَ،
لكنّه خنجرٌ يغرزُ في صميم الكلام،

الصمتُ ليسَ مأوى الخائفين،
بل سجنُ من طوى قلوبهم عن الكلام،
فيه احتُجزتْ أنفاسي،
كخنقةٍ تغلقُ حلقًا يعاني العطشَ،
ونيرانُ الزيفِ أكلتهم،
ونادتهم ببرودٍ قاتل:

"أنتم ظلالٌ اخترتموها، فلا عتبَ بعد اليوم."

---

4. من بين الأنقاض

فنهضتُ من بين الأنقاضِ،
من تحتِ الركام،
كأني ما خُلِقتُ سوى
لأَفلتَ من حطام.

لم أرتّقْ وجهي،
ولا رقّعتُ قلبي،
بل حملتُ جراحيَ الكبرى
كنجمةٍ تمشي،
وفي عينيّ إصرارُ البوح  

خطاي مرسومةٌ على رمال التحدي،
ولا شيء يمنعني أن أغني لنفسي
أنشودة البقاء،
وأمشي على دروب الألم مثل أسطورةٍ تستيقظُ كل صباح.

---

5. رايةُ النجاة

ما عادَ جدارُ الصمتِ
يُغويني بسحرِ الظنِّ أو دفءِ الوهمِ،
ما عاد الركنُ مأوايَ الأخير.

أنا من الآنَ،
أمشي في العراء،
وفي يديَّ قصيدةٌ
تنمو كأغنيةِ النجاة،

حقوق النشر محفوظة