lundi 26 mai 2025

همسات نفسية
العلاقة بين الأفكار والمشاعر
الأفكار والمشاعر وجهان لعملة واحدة، يؤثر كل منهما على الآخر في حلقة متصلة ومعقدة تشكّل تجربتنا الإنسانية. فهم هذه العلاقة يساعدنا على فهم ذواتنا بشكل أعمق والتحكم بشكل أفضل في حالتنا النفسية.
كيف تؤثر أفكارنا على مشاعرنا؟
تُعتبر أفكارنا هي الشرارة الأولى التي غالبًا ما تُشعل فتيل مشاعرنا. الطريقة التي نفسّر بها الأحداث من حولنا، أو حتى مجرد الأفكار التي تدور في أذهاننا دون وجود محفز خارجي، تحدد بشكل كبير نوعية المشاعر التي سنختبرها.
 * التفسير المعرفي للأحداث: عندما تحدث لنا مواقف معينة، فإن طريقة تفسيرنا لها هي التي تحدد مشاعرنا. على سبيل المثال، إذا تم رفض طلبك للحصول على وظيفة، فإن فكرتك عن هذا الرفض هي ما سيحدد شعورك:
   * إذا فكرت: "أنا فاشل ولن أجد وظيفة أبدًا"، فستشعر على الأرجح بـاليأس والإحباط.
   * أما إذا فكرت: "ربما هذه ليست الوظيفة المناسبة لي، وسأتعلم من هذه التجربة لأجد الأفضل"، فستشعر بـالأمل والعزيمة على الرغم من خيبة الأمل الأولية.
 * التوقعات والافتراضات: أفكارنا حول المستقبل أو حول الآخرين يمكن أن تثير مشاعر معينة. إذا كنت تتوقع الأسوأ دائمًا، فستعيش في قلق دائم.
 * الذكريات: استحضار الذكريات، سواء كانت إيجابية أو سلبية، يثير المشاعر المرتبطة بها. التفكير في لحظات سعيدة يجلب الفرح، بينما التفكير في تجارب مؤلمة يجلب الحزن أو الغضب.
 * الحديث الذاتي: الطريقة التي نتحدث بها مع أنفسنا تؤثر بشكل مباشر على مشاعرنا. الانتقاد الذاتي المستمر يؤدي إلى الشعور بالدونية وعدم الكفاءة، بينما التشجيع الذاتي يعزز الثقة بالنفس والإيجابية.
كيف تؤثر مشاعرنا على أفكارنا؟
المشاعر ليست مجرد نتاج لأفكارنا، بل هي أيضًا مؤثر قوي عليها. عندما نكون في حالة عاطفية معينة، فإن ذلك يغير الطريقة التي نفكر بها ونفسر بها العالم.
 * تأثير المشاعر على التركيز والانتباه: عندما تكون سعيدًا، تميل إلى ملاحظة الجوانب الإيجابية في المواقف والتركيز عليها. أما عندما تكون غاضبًا أو حزينًا، فقد تركز على الجوانب السلبية وتتجاهل الإيجابيات.
 * تأثير المشاعر على الذاكرة: المشاعر القوية يمكن أن تجعلنا نتذكر أحداثًا معينة بشكل أكثر وضوحًا، سواء كانت سعيدة أو مؤلمة. كما أن الحالة المزاجية قد تؤثر على استرجاع الذكريات؛ فمن السهل تذكر الأحداث الحزينة عندما تكون حزينًا.
 * تأثير المشاعر على اتخاذ القرارات: المشاعر تؤثر بشكل كبير على قراراتنا. عندما تكون متوترًا أو خائفًا، قد تتخذ قرارات متسرعة أو غير مدروسة. وعلى العكس، عندما تكون هادئًا وواثقًا، تكون قراراتك أكثر عقلانية.
 * تأثير المشاعر على تقييم الموقف: عندما تكون في حالة مزاجية إيجابية، تميل إلى تقييم المواقف والأشخاص بشكل أكثر إيجابية وتفاؤل. أما عندما تكون في حالة سلبية، فقد ترى كل شيء بمنظار متشائم.
 * الحلقة المفرغة أو الحميدة: يمكن للمشاعر السلبية أن تولد أفكارًا سلبية، مما يعمق الشعور السلبي، وهكذا دواليك (حلقة مفرغة من القلق أو الاكتئاب). وعلى النقيض، يمكن للمشاعر الإيجابية أن تعزز الأفكار الإيجابية، مما يخلق حلقة حميدة من السعادة والتفاؤل.
الخلاصة
إن فهم هذه العلاقة المتبادلة بين الأفكار والمشاعر يمنحنا قوة عظيمة في التحكم بصحتنا النفسية. عندما ندرك أن أفكارنا تؤثر على مشاعرنا، يمكننا البدء في تحدي الأفكار السلبية وتغييرها. وعندما ندرك أن مشاعرنا تؤثر على أفكارنا، يمكننا البحث عن طرق لتعديل حالتنا المزاجية لتحسين طريقة تفكيرنا. إنه طريق نحو وعي ذاتي أكبر وحياة نفسية أكثر توازنًا وإيجابية.
تحياتي
السفير المستشار ا.د.م./
                  عبدربه عيد عبدربه