جمال اسدي
ما خِلتُ أن الرَّدى سكناهُ في الحَدَقِ
حَتّى غَدَت مُـهجَتي في آخر الرَّمَـقِ
مـا كُـنـتُ أدركُ أَنَّ الـبعـدَ يُهـلِـكُـني
أوِ الجَـوَى يُـنهِكُ الـمَشْغُوفَ بِالأَرَقِ
من فرطِ حـزني تَـراني حـائرًا أسٍفًـا
وَاسوَدَّ مـا في حَداقِ العَينِ مِن زَرَقِ
يَا كاملَ الوصفِ طوعًا أنت تَسكُنُني
حـبالُ عشـقكَ كالأغلالِ في عُـنُـقِـي
خَطـفتَ روحيَ مِـن دونِ الأنامِ فَلَا
تُنكرْ، فَفعْـلُـكَ مَا يخْـلو مِنَ الـسَّرَقِ
كـأنَّـنِـي مِنكَ في حرب بِـها لهَــبٌ
يُذكي فؤادي سعـيرُ النارِ والحرقِ
مـا ضـاعَ رِيّـَا أريـجٍ عــزَّ شَـاكِــلُـهُ
فمنـكَ يَـذكو كـمسكٍ عـابقٍ غَـدقِ
سَـأَهجُرُ النَّفس إِن هَـانت كرامَتُهَـا
مَن يَلجُمِ النَّفسَ فيما تَشتَهيهِ رقِي
عمري مِنَ الوجدِ قَد أَضحَى بِلا فرَحٍ
وَصـارَ يومـي بِـلَا فـجرٍ وَلَا غَــسَـقِ
وانتَ تختالُ في تـيـهٍ وفي عَــجَـبٍ
سبحانَ من صاغَ هٰذا النورَ منْ فَلقِ
فكُــلَّمَا قـيلَ منْ زادَ الهَـوى تـلَــفًـا؟
يَـفوزُ طـرفُكَ في الإِتلَافِ بِالـسَّبَـقِ
يَـا مالكَ الـقلبِ أنـظرْ مَا يـحلُّ بِنـا
فـكم بـلاءٍ فـؤادُ العـاشـقــيـنَ لـقِـي
أَهـوَى إِلَـيكَ حَـبِـيـبٌ صُبحُـهُ فَلَـقٌ
يَا لَيتَ مَا بَينَنَا حَبلَ الوِصـالِ بَقِـي
حَـمائِـمُ الدوحِ بالأسْـحـارِ هَـاجِعَـةٌ
وكَـادَتِ الأيـكُ أنْ تخلو مِنَ الورَقِ
يا صهوةَ القدسِ جئنا نمتطي شَرَفًا
فوقَ المَعالي ، صنوَ الفارسِ اللبقِ
منٍ سحْرِ طَلعتِها الأَريَامُ في حَرجٍ
وَمِن بَـهـاهَا زهورُ الرَّوضِ في قَلَـقِ
وصَـوتُهـا شَـدوُ أنْــغـامٍ عـلى وَتَـرٍ
كَـأنّـهُ مَـنهَـلٌ مــنـهُ الـفـــؤادُ سقي
صهـبـاءُ شهبـاءُ إِن تُـبـدَ محاسنُـها
كَـبَــدرٍ تَـمَّ إِذَا مَـا لاحَ فـي الأَُفِــقِ
يَا قَـلبُ إِن لَم تَنَلْ مَا رُمتَ بُـغـيَتَهُ