lundi 9 juin 2025

الأستاذ عبدالفتاح الطياري

الرجل الدمية 
الفصل الرابع: نادين… اليد التي تحرك الخيوط
دخل سمير الجامعة كجسد بلا روح. درس الطب كما أرادت أمه، وسكن في السكن الجامعي كما خطط له والده، وشارك في النشاطات التي "ينبغي" أن يشارك بها ليبدو مثاليًا.
في محاضرة التشريح، جلست قربه فتاة ذات حضور صاخب، لكنها أنيقة. كانت تضع سماعات في أذنيها، وتكتب بسرعة، وكأنها لا تحتاج لأحد. اسمها نادين.
ذات يوم، انتبهت نادين أن سمير يشرح لزميلة له بعض النقاط الصعبة، بصبر وتفصيل. اقتربت منه، ونظرت له بثقة: أنت تفهم بسرعة… وهذا يعجبني.
تفاجأ، لكنه لم يجب. ابتسم فقط.
مع مرور الوقت، أصبحت نادين جزءًا من يومه. لم تكن تسأله إن كان يريد الخروج معها، كانت تخبره فقط: 
اليوم سنأكل في الخارج، لا تعترض.
غدًا سترافقني للمكتبة، مفهوم؟
لم يكن يشعر معها بالحب كهاجر، لكنه شعر أن حياته صارت منظمة أكثر. كانت قوية، تعرف ما تريد، وتريده معها كقطعة في خطتها.
وبينما كانت أمه تفرح عندما يسمع كلامها، كانت نادين تُعجَب به لأنه لا يعارض. الاثنتان أعطتاه نفس الدور… لكنه لم ينتبه.
بعد سنتين من العلاقة، تقدمت نادين خطوة جريئة. 
سمير، أنا لا أضيع وقتي. إذا كنت لا تفكر بالزواج، دعنا نختصر الطريق.
ارتبك، لكنه وافق. أخبر والدته، وكانت مسرورة لأنها وجدت له فتاة تحكمه.
تم الزواج بسرعة.
وفي ليلة الزفاف، قال له أحد أصدقائه مازحًا: مبروك يا عريس… بقي أن يخيطوا لك خيوطًا، وتصبح دمية رسمية في أيدي النساء!
ضحك الجميع… إلا سمير.
في عينيه، لمعت حقيقة مُرّة: هو لا يتزوج امرأة… بل ينتقل من يد إلى يد.
يتبع 
بقلمي عبدالفتاح الطياري -تونس