jeudi 19 juin 2025

تحليل وقراءة أدبية بقلم الشاعرة الأديبة غزلان حمدي من تونس 

في هذه القصيدة الرقيقة التي تحمل عنوان "هل ينتصر الأمل على الأوهام؟"، يخطّ الشاعر يوسف بلعابي بريشة وجدانه مشهدًا شعريًا تأمليًا عابقًا بالحزن والحنين والدهشة، في لغة مشحونة بعاطفة دفينة، وقلق وجودي يلامس القارئ في عمق مشاعره.

ينطلق النص من فضاء مكاني رمزي: الربى المطلة على البحر، حيث كانت الأحلام تُرسم ذات سحر، لكنها – كما يشير بمرارة ناعمة – "لم تكتمل". بهذا التدرج من الذكرى إلى التأمل، يُبحر بنا الشاعر نحو طفولته، حيث "أيام الصفاء وطيبتها"، ويُقرن بين الأحلام التي ضاعت، والأفراح التي وُئدت، وكأن الزمن اغتال براءة الأيام الأولى.

يلجأ الشاعر إلى تقنية المونولوج الداخلي، فنراه واقفًا في صمت طويل، يحدّق في البحر، يتيه في أعماقه، ويصعد إلى السماء بلا أجنحة. هذا التحليق الرمزي هو فعل هروب، بحث عن ملجأ أو إجابة، لكنه سرعان ما ينكفئ على نفسه، في حوار داخلي متأرجح بين الأمل والوهم، بين حقيقة الاشتياق وخيال اللقاء.

تتكرّر التساؤلات في النص كنبضٍ سردي شعري، يعكس حالة اللايقين:

> "هل ينتصر الأمل على الأوهام؟
هل تتحقق الرؤى؟
هل تجمعنا الأقدار بمن نحب؟"

هذه الأسئلة ليست فقط تأملية، بل تحمل عبء الغياب، والخذلان، والانتظار. كما أن ضمير الجمع في: "نجتمع... ننثر الورد... على تلك الربى"، يشي بتوقٍ جماعي لا فردي، وكأن القصيدة لا تمثّل يوسف بلعابي وحده، بل كل قلب عاشقٍ للحظة، مُشتاقٍ للقاء، حالمٍ بعودة الأمل.

جمالية النص تكمن في صدقه، وبساطته العميقة، وصوره المتحرّكة بين الطبيعة والذاكرة، بين البحر والسماء، بين الجرح والرجاء، ليظل السؤال المعلّق في آخر القصيدة هو النبض الحقيقي لها...
هل ينتصر الأمل على الأوهام؟

كل الشكر للشاعر التونسي يوسف بلعابي على هذا النص الإنسانيّ النابض بالشجن والحنين.

مع تحيات رئيس مجلس الادارة غزلان حمدي من تونس
********
*هل ينتصر الأمل على الأوهام؟*

كلما أمر على تلك الربى العالية
المطلة على مرافئ شاطئ البحر
التي رسمنا فيها أحلام سعيدة
في عز السحر
وأحلى أيام العمر
مازالت لم تكتمل ..!
تسافر بي ذاكرتي المرهقة
إلى الأزمنة البعيدة
إلى أيام الصبا 
أيام الصفاء وطيبتها
والأحلام الفقيدة
وأفراحنا الوئيدة
أبقى واقفا لساعات مديدة
 تارة أتأمل البحر وأتوه في أعماقه
وأتماوج مع أمواجه العاتية
وتارة أخرى أسافر نحو السماء
أحلق وأجنح بلا أجنحة في الفضاء
أعانق السحاب أصارع الضباب
وتتضارب أفكاري المهوسة
مع الأوهام والأمل
أسأل فكري أعاتبه
فيشقيني.. يحزنني..يضنيني..!
أخاطب نفسي أسائلها
تلومني ألومها..!
هل ينتصر الأمل على الأوهام..؟
هل يأتي يوما وتتحقق الرؤى..؟
هل تجمعنا الأقدار بمن نشتاق إليهم ونحن 
فهم ملاذ الروح وسكينة النفس..؟
ربما نلتقي بعد طول فراق ودهرا من الإنتظار 
وتقوم الأفراح وننثر الورد على تلك الربى..؟

بقلمي يوسف بلعابي تونس