lundi 14 juillet 2025

مذكرات رجل – تجربة حياة

✒️ بقلم: فايل المطاعني

 المقدمة

ليست كل الحكايات تبدأ من الطفولة، ولا كل الذكريات تُروى كما وقعت.
بعض القصص تُولد في العتمة، وتُكتَب على حوافّ الندم، وتُخبّأ خلف ابتساماتٍ صامتة.
وأنا... رجل لم أعش حياةً عظيمة، لكنني اختبرت السقوط بما يكفي لأكتب عنه، ونجوت بما يكفي لأحكي.

هذه ليست سيرة ذاتية، ولا اعترافات باكية...
إنها مذكرات رجل عاش أكثر من حياة، داخل حياةٍ واحدة.
وكل ما أرويه هنا... قد يكون حقيقيًا، وقد يكون مجرّد كابوس طال أمده.

---

 الفصل الأول:
 الرماد الذي يمشي

كنت رجلًا منسيًا في زحام العالم، أركض دون وجهة، أضحك دون سبب، وأبكي دون شهود.
عملت كثيرًا، أحببت قليلًا، وخسرت أكثر مما كسبت.
في الخامسة والخمسين، جلست أمام نافذتي، وبدأت أكتب... لا لأتفاخر، بل لأتطهّر.

حملت على ظهري حياةً كاملة…
أب، وزوج، وغريب بين غرباء.
لكنّني، رغم كل شيء، لم أندم.

أنا الرماد، نعم… لكنني مررت بالنار.

---

 الفصل الثاني: 
الحقيبة السوداء

في صباحٍ خريفيّ، وبينما أغادر مقهى مهترئًا في الزاوية الغربية من السوق، وجدت حقيبة سوداء بلا اسم.
داخلها... صورة لرجل يشبهني حدّ الرعب، ورسالة تقول:
"إن كنتَ تقرأ هذا، فالماضي لم ينتهِ بعد."

كانت بداية لانهيار جديد، أو انبعاث قديم.
رسائل بلا أسماء، أصوات من اللامكان، وذاكرة بدأت تنزف بصمت.

---

 الفصل الثالث: 
الغرفة رقم 9

قادني الفضول... أو الندم... إلى فندق قديم اسمه "الواحة".
تحديدًا إلى الغرفة رقم 9، حيث كانت نجلاء – الحب الأول – تنام في الهواء.
وفي الداخل، وجدت دفترًا أسود كتب على غلافه: "مذكرات رجل... تجربة حياة".

على الجدار:
"لتنجو... يجب أن تعترف."
وفي الظل، همساتٌ من ماضٍ قرر أن ينتقم.

---

الرجل الذي عاد من بين الحكايات

اليوم، وأنا أكتب السطر الأخير من هذه المذكرات، أدركت أنني لم أكن أهرب من الماضي... بل أهرب إليه.
كل شيء كان رسالة: الحقيبة، الغرفة، الصورة… كانت الحياة تحاول أن توقظني من نفسي.

ليس مهمًا من أرسل الرسائل، ولا إن كانت نجلاء ميتة أو حية.
المهم أنّني أنا عدت إلى ذاتي… الرجل الذي كنت أخشاه… واحتضنته.

هكذا تنتهي المذكرات، لا لأن الحكاية انتهت، بل لأنها أخيرًا بدأت.