تحيّة إلى القائد الشاعر في ذكرى الغياب الحاضر
وعندما أسمع صوتك،
أتحيّر بين الحمام والهديل،
بين لهجتك التي تشبه الأرض،
وصوتك الذي يشبه القصيدة حين تثور،
حين تهتف،
حين تقف على المنبر لا كخطيب، بل كحلمٍ ناطق.
أيتها الذكرى،
أيتها العذبة جدًا،
يا نبع الرؤى الخالدة،
تدفقْ بارداً ووضّاء،
واسقِ هذا الظمأ الفلسطيني
بشعرٍ كان كفاحًا على الجدران،
وحنجرةً لا تخاف الصوت العالي،
ولا تختبئ خلف المجاز.
توفيق زيّاد،
أيها الواقف على حافة القصيدة
والانتفاضة،
يا من كتبتَ في الحبر والدم:
"هنا باقون،
كأننا عشرون مستحيلاً"،
وأثبتّ أن القصيدة يمكن أن تكون
سلاحًا وراية.
كنتَ أكثر من شاعر،
كنتَ ذاكرةً تمشي،
وصوتًا يطرق أبواب المستحيل
دون خوف،
ورجلاً يعانق الظلّ
ويصطلي بالنار،
ويبتسم.
في ذكراك،
نرفع أيدينا إلى الشمس،
نزيح الغيم عن وجهك،
ونسمعك تقول من بعيد:
"لن نركع…
ولو على خازوق"،
فنشدّ قبضاتنا،
ونمضي في الطريق ذاته،
ولو مثخنين بالشظايا.
سلامٌ عليك،
أيها الذي علّمنا أن لا مساومة
على الكرامة،
أن الوطن ليس مفاوضات،
بل انتماء،
أن الكلمة حين تُولد من القلب
تصبح حجارة.
سلامٌ عليك،
في كل بيتٍ حفظ اسمك،
في كل طفلٍ يقرأ قصائدك دون أن يدري
أنه يتعلّم كيف يكون الرجال.
بنيامين حيدر