...............................
وَ عُمرٌ يَمرُّ كَهبَّةِ رِيح ...
وَ ها جَسدي في أَحضانِ الكَفنِ ...
وَ جاءَنِي مِنْ العظيمِ نَبأٌ ...
ماذا جَنيتَ مِنْ الدُّنيا يا عَبدي ...
قَضيتَ في عَجلٍ طَريقَ الرُّجوعِ ...
وَعُدتَ يا عَبدي لأوّلِ الخلقِ ...
غَفوتُ بِبُستانٍ سَرمدي الحُسنِ ...
وَ طيرٌ صَدّاحٍ يُناجي اسمي ...
هُنا يا سَيّدي تَرى أَسرارَ المُهَجِ ...
هُنا نَعيم وَسرور هُنا كَشفَ الحُجُبِ ...
وَمريم تأكلُ مِن رُمانٍ وَ عِنبِ ...
وَ خديجة تَطلُّ مِنْ شُرفاتِ القَصرِ ...
و شُموسٌ تُناديكَ مِنْ أنهار العسل ...
و أنهارُ لَبنٍ تفوقُ في سَناها وَجه القمر ...
آآه مِنْ طَريقٍ طَويلٍ مازِلتَ أقطعه ...
وَ غُبارٌ ... غُبارٌ على ثَوبي ...
أوزارٌ و أثامٌ ما زلتُ أعرفها ...
و أثقالٌ ثِقالٌ على جَبينِ عُمري ...
حُجُبٌ حُجب أمدُّ يَدي ...
فاعِنّي يا خالِقي عَلى رَفعِ رأسي ...
فيا عُيونَ موسى ضُخّي ماءَكِ ...
وَ يا قَميصَ إبراهيم نَجِّني ...
فَما عٓندي غير التَّمنّي ...
بأنْ تَقبلني بهذا الثَّوب ياااربّي ...
قالوا : سَكرانٌ مِنْ فَرطِ الهَوى يَهذي ...
يَزورُ العجائبَ و يعودُ و لا يَروي ...
آآه لو عَلِموا بِما في قَولي ...
ما زَرَعوا ثَمراً و لا جِداراً بَنوا ...
كَمْ حَلمتُ عَنْ أعينِ الخَلقِ ...
وَعَنْ غَوايةِ الدُّنيا أختبئُ ...
فَما عافَتْني الأعينُ ...
و ما نَستْ الدُّنيا بأنِّي أحدُ الخلْقِ ...
تَرنيمةُ حَياءٍ احمِلُها في قَلبي ...
هَذا لأنّي أخافُ مَقامَ رَبّي ...
وَ أَخافُ سؤالَ العَظيمِ ...
ماذا جَنيتَ مِنْ الدُّنيا يا عَبدِي ...!؟
- مصر -
ملحوظة : فكرة تشبيه المعاصي بالغبار على الثوب ذُكرت عند كثير من علمائنا الأقدمين
أمثال : الحسن البصري و الشافعي و ابن القيم ...
... رحمة ربي عليهم جميعاً ...