mardi 26 août 2025

بقلم الدكتور عوض أحمد العلقمي

وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر 2

  بقلم الدكتور عوض أحمد العلقمي      

   تولى أولئك القوم أمر البلاد التي تقع
 تحت نفوذ عائلة معيد ، بعد أن استخدموا عنصر المفاجأة ، وضربوا مركز إدارة القوم ضربة مباغتة ، أدت إلى قتل ذكور عائلة معيد ومن كان ذو رأي أو يحظى بشيء من الاحترام بين القوم أو له تأثير بين أهل البلاد ، لم يكتف أعداء الدين والقيم النبيلة والأخلاق الفاضلة بذلك التوحش في إراقة الدماء ، بل عمدوا إلى إلى نسف منازل القوم ، وإحراق محاصيلهم الزراعية ، واستئصال أشجارهم المثمرة ، وتهجير نسائهم إلى خارج حدود البلدة ، بعد هذا كله قاموا بتشكيل لجان تقوم بنشر المخدرات والمسكرات في أوساط العامة والبسطاء ، وتشجيعهم على تعاطيها ، وكذلك القيام بانتهاك أعراض الأسر المحافظة ، واقتياد رجالها إلى السجون وزنازين الموت ، ونشر ثقافة مغايرة تقوم على الأوهام والأكاذيب ؛ إذ تزرع في عقول البسطاء والعامة من قاطني البلدة أن عائلة معيد متخلفة وتقف ضد التقدم وتحارب المدنية .
   دارت السنون والأيام ، وأسقطت الأقدار مشغل تلك العصابات المارقة وداعمهم الرئيس ، الأمر الذي أنذر بتشتت تلك العصابات وهروبها من البلدة ؛ إذ لم تستطع البقاء لبضعة أشهر بعد سقوط مشغلها وداعمها وكفيلها .    
   عاد النشء الذي كان في بطون النساء عند التهجير القسري ، من قوم معيد إلى البلدة ، لكنهم لم يعودوا بهمة معيد أو بحمية أبنائه وأحفاده إلا واحدا منهم يدعى أصيل ، لم يدخر جهدا أصيل ؛ إذ استعاد ممتلكات أهله بعد أن تم توزيعها على آخرين ، وعمل على توظيف الشباب منهم ، غير أنهم لم يكونوا أهلا لقراءة موروث معيد ، لم يستصلحوا الأرض ولم يزرعوها ولم يفيدوا من خيراتها ، وبقي أصيل يصارع وحيدا للدفاع عن الأرض وحمايتها من عوادي الزمن وعبث اللصوص ؛ إذ أصبحت فريسة سهلة ، السيول تجرفها ، واللصوص تسرقها ، فضلا عن تشجيع الخصوم والمتربصين الرعاع والأغبياء من قوم أصيل بالتخلي عن الأرض وعدم تضييع الوقت فيها ؛ لأنها لم تعد مجدية في زمن الإنترنت وغزو الفضاء .   
   في هذه الأثناء جمع العائلة أصيل ثم وقف يخطب فيهم : اسمعوا أيها البقية الباقية من عائلة معيد ، لقد قاومت كثيرا من أجل إعادة مجدكم التليد ، وبذلت من الجهود ماهو فوق طاقتي ، لكنكم خذلتموني وأشمتم الأعداء بي ، حتى أوصلتموني إلى العجز فيما كنت أطمح إليه ، وإلى التقهقر عما كنت عازما على الوصول إليه ، واليوم لايسعني إلا أن أقول لكم : شيء مما قاله علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : " ... لا رأي لمن لايطاع ..." وكذلك قول أبي فراس الحمداني :  
سيذكرني قومي إذا جد جدهم ** وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر