lundi 18 août 2025

د. عبدالرحيم جاموس

جدارية المغارة والذاكرة...!
من وحي زيارة خلة الحصن – عنبتا، 18/8/2013
  نصٌ بقلم: د. عبد الرحيم جاموس

نقفُ هنا،
في حضرةِ الصخرِ والشجر،
في حضرةِ ما تبقّى من رائحةِ الأجداد،
كأننا نفتحُ نافذةً على التاريخ،
ونطلُّ منها على قلوبٍ لا تموت....
***
هنا يبدأ الكلام،
ليس بحروفٍ عابرة،
بل بصدى الأرضِ حين تنادي أبناءها،
وبأنفاس الزيتون ...
حين يشتعلُ أخضرًا في العروق....
***
نقفُ على ترابٍ لا يشيخ،
يشهدُ أن الحنينَ أقوى من الغياب،
وأن الهويةَ ليست بطاقةً ورقية،
بل جذرٌ متجذّرٌ في الصخر،
يستحيلُ اقتلاعه....
***
مغارةُ العمّ عيسى...
ليست حجارةً باردة،
إنها ذاكرةٌ حية،
تحفظُ حكاياتِ الرعاة،
أغاني الجدات،
وخطواتِ الأطفال ...
حين كانوا يلاحقون عصافيرَ الصباح....
في دروبِ عنبتا....
***
كل زاويةٍ فيكِ،
كل تجويفٍ في صدركِ الحجري،
يخبئُ سرًّا،
يهمسُ:
"ما ضاع وطنٌ حمله أبناؤه في قلوبهم،
ولا ضاعت قريةٌ حفظها الصبرُ في العيون".

يا صديقي،
كلما التقطنا صورةً في حضرةِ التراب،
كنا نلتقطُ زمنًا،
نكثّفُهُ في ومضةٍ
تظلُّ أكبر من الموت....
***
وفي نهاية الطريق،
لا بدّ أن ينهضَ الضوءُ من بين الشقوق،
لا بدّ أن تعودَ الينابيعُ لتغسل وجعنا،
لا بدّ أن نستعيد وجوهَنا الأولى،
ونكتبَ أسماءنا على جدارِ الحرية....
***
نعم، قد يطولُ الانتظار،
لكننا عائدون...
عائدون بكرامةٍ لا تُشترى،
بحريةٍ لا تُمنح،
بانتصارٍ يولدُ من رحمِ الصبر....
***
سنعود،
مهما توارى العمرُ بين المنافي،
سنعود،
ليكون للوطنِ جسدٌ ينهضُ من الذاكرة،
وروحٌ تسكنُ المغارة،
وتفتحُ أبوابها ...
على فجرٍ جديد....!
د. عبدالرحيم جاموس  
الرياض / الإثنين 
 18 /8/2025 م