jeudi 28 août 2025

د. عبد الرحيم جاموس

فلسطينُ ليستْ جوعًا...

 نصٌ بقلم : د. عبد الرحيم جاموس

منذُ فجرِ الدمِ الأوّلِ ...
تُشعلُ حجارةُ القدسِ قناديلَها،
وتُورِقُ غزّةُ جرحًا ...
يتحوّلُ إلى غصنِ زيتونٍ ...
يعانقُ الريحَ ولا ينكسر...
***
فلسطينُ ليستْ رغيفًا ...
ولا ممرًّا نحوَ مرفأٍ مقطوع،
إنها سرُّ التراب،
ورعشةُ الأجدادِ في دمِ الأبناء،
إنها قصيدةُ الأرضِ ...
حينَ تُنشدُ للشمسِ أناشيدَ الصمود...
***
لا تُصغِّروها إلى كيسِ طحين،
ولا تُخدِّروها بفتاتِ الإحسان،
فهي الحلمُ الممتدُّ ...
من المهدِ إلى المدى،
وهي الجدارُ الذي يحفظُ ذاكرةَ البيتِ ...
من أن يُمحى...
***
منذُ النكبةِ،
منذُ أن حُمِّلَ الأطفالُ ...
في عرباتِ المنافي،
والأمهاتُ يخبزنَ الخبزَ بملحِ الدموع،
لكنّ الدموعَ تحوّلتْ بارودًا،
والبارودُ صارَ نشيدًا ...
يعلّمُ الأجيالَ كيفَ يعودون...
***
سنعودُ...
إلى بيوتنا الأولى،
حيثُ رائحةُ الخبزِ ...
 تمتزجُ بضحكاتِ الجيران،
وحيثُ البرتقالُ ...
يزيّنُ أعتابَ النوافذ،
وحيثُ الحقولُ ...
 تعرفُ أسماءَ أصحابها...

سنعودُ،
لنفتحَ أبوابَ المساجدِ والكنائس،
ونُعيدَ رسمَ الأزقّةِ كما كانت،
ونزرعَ من جديدٍ ...
شجرَ التينِ والعنب،
ونكتبَ على الجدرانِ:
هنا وُلدنا،
وهنا نحيا،
وهنا نموتُ واقفين...
***
لا سلامَ مع الغاصب،
لا أمنَ مع مَنْ بَنى مملكتهُ على الخراب،
لا استقرارَ لِمَنْ أطفأ قناديلَ التاريخ...
***
ستبقى فلسطينُ ...
عصيّةً على الطمس،
عصيةً على الضياع،
مُحصّنةً بدماءِ أبنائها ...
وأهازيجِ العائدين...

والكيانُ الغريبُ،
مهما تجبّرَ أو تطرف،
سوف ينكسر،
سوف يُهزم،
وسوف يزول...
كما يزولُ كلُّ باطلٍ ...
أمامَ شمسِ الحقِّ ...
حينَ تشرقُ من جديد...
د. عبد الرحيم جاموس  
 الرياض / الأربعاء 
27/8/2024