بقلم ✍️: هاشم الشيخ.
في زوايا البيوت التي تبدو من الخارج هادئة، تُخفي الجدران أصواتًا لا تُسمع، وآهات لا تخرج إلا في صمت الليل. ليست كل الحكايات تُروى، وبعضها يتسرب من بين الأصابع كما يتسرب الماء من الكفين.
هي تجلس أمامه، تتأمل وجهه بعد أن انطفأت لحظة العناق، وهو يعود إلى شاشته، إلى معركة افتراضية في لعبة يختار فيها حلفاءه وخصومه، بينما ترك قلبها معلقًا بلا فريق. ليس الأمر أنه لا يلمسها، بل لأنه لا يلمس روحها.
في عالمنا، كثيرًا ما يُقاس الحب بما تراه العين، لا بما تشعره الروح. مجتمع لا يرحم أنثى اختارت طريقًا آخر، حتى لو كان ذلك الطريق محاولة يائسة للنجاة من جفاف القلب. يراقصها البعض بكلمات عسلية، ويغزلون لها وعودًا على وسادة الليل، لكنهم في أعماقهم يعلقون على عنقها لافتة "خائنة" قبل أن ينتهوا من احتضانها.
ليس العيب في الأفراد وحدهم، بل في بناءٍ كاملٍ تعلم منذ الصغر أن الجنس خطيئة، والحب ترف، وأن الصبر هو الفضيلة العظمى حتى لو كان ثمنه موت القلب واقفًا.
هناك ألم مشترك، يتوزع بين رجال ونساء، بين من رحلوا ومن بقوا، بين من يحاربون على الجبهات الظاهرة، ومن يخوضون معاركهم في صمت غرف النوم.
من لم يستطع الرحيل، عليه أن يتقن فن المواجهة، أو التحايل على الواقع، أو حتى اللعب في ساحة الخصم كي لا يخسر روحه تمامًا. أحيانًا، البقاء ليس ضعفًا، بل محاولة لترويض الجوع العاطفي بفتات الحيل الصغيرة.
لكن، مهما يكن، لا تنجرف وراء وعود تُشعل قلبك مؤقتًا لتتركه رمادًا. ابحث عن الوعد الذي لا يتبخر مع الصباح، عن ذلك الشعور النادر الذي حين يمسك بك، تعرف أنه لم يأت ليكمل معركته وحده، بل ليحمل سيفك معك.
ربما الحقيقة التي تلمس الجميع، أننا جميعًا عطشى — للحب، للصدق، ولمن يجلس بجوارنا بعد العناق، لا قبله فقط.