كل شيء يوحي بالحياة…
لكن داخله مدينة فارغة،
شوارعها صامتة،
ونوافذها مغلقة على أسرار لم تُروَ.
يمرّ بين الناس خفيفًا،
يسأل عن الجميع،
ويخبئ في صدره ألف سؤال
لا يجرؤ على طرحها،
كأن الكلمات أجنحة كسيرة.
وجهه لا يبوح،
وصوته لا يرتجف،
حتى دموعه تعلّمت الصمت،
أو الفرار بين الظلال.
يمشي في الزحام،
وينتمي إلى اللا أحد،
ينظر في العيون…
ولا يُرى،
مثل ظل يختبئ خلف الشمس.
يحمل فوق وجهه ظل ابتسامة،
ليست خوفًا من الشفقة،
بل احترامًا لضعفه،
ورغبةً في أن لا يعرفه أحد من الداخل.
الناس يصدقون الملامح،
يفهمون الكلمات،
لكنهم لا يلحظون تنهيدة خافتة،
ولا صمتًا ثقيلًا خلف كلمة "بخير".
لا يريد كثيرًا…
فقط حضنًا لا يسأل،
وصديقًا لا يحكم،
ومكانًا للراحة،
حيث لا يضطر لشرح شعوره
حين يصبح القلب مثقلاً بالتعب.
كل ابتسامة يخفيها
كزهرة نادرة،
تزهر في صمت،
تحمل عبق الأيام المفقودة،
وتعلمه الصبر،
كما تعلم الأرض الأشجار الانتظار.
ليت أحدهم يرى ما خلف ظل ابتسامته…
ليت أحدهم ينصت لما لم يُقل.
فالحياة ليست فقط ما نراه،
بل ما نحمله في الأعماق،
ما نخفِيه عن الجميع…
ما يجعلنا نحن،
ظل ابتسامة.