mardi 19 août 2025

الشاعر السوري فؤاد زاديكى

صَرْخةُ الضّجيجِ

 الشاعر السوري فؤاد زاديكى

كيفَ الوصولُ إلى العليَاءِ، يا عَربُ ... و الجهلُ طاغٍ و وعيُ العقلِ مُنْتَحِبُ؟

لا صوتَ إلّا صُرَاخٌ هَائجٌ و بهِ ... شَكوًى و لَومٌ و تَهديدٌ و مُكْتَئِبُ

لا فِعلَ آتٍ بشيءٍ مُطلَقًا، و لذا ... حالُ التّشنُّجِ مَشحُونٌ و مُضّطَرِبُ

جاؤوا ضجيجًا على البُطلَانِ، وهمُهُمُ ... أنّ البطولةَ هذا العُنفُ و الصّخَبُ

لو جِئتَ تَنصَحُ، لنْ تَلقاهُمُ أبَدًا .. أهْلًا لِنُصحِكَ، بل بالعَكسِ، هُمْ غَضِبُوا

مِن كلِّ نقدٍ، فهذا عندَهٌم خَطَرٌ ... فِكرُ التّوَهُّمِ مَغرورٌ و مُنْعَطِبُ

هم عندَ رأيٍ، و هذا الرأيُ، لا أحَدٌ ... يسعى لِمَسٍّ بهِ، إنْ شَاء يَقْتَرِبُ

إنّي أرى دربَهُم قد شَطَّ عن قِيَمٍ ... ما بينَ وهمٍ و تيهٍ عابسٍ، يَثِبُ

كم ضَيّعَ الدّربَ أقوامٌ بلا رَشَدٍ ... لا عِلمَ يَحكُمُهم، فالوَعيُ مُغْتَرِبُ

يُعْلُونَ صَوتًا، و في الأفعالِ خَيبَتُهُم ... مهوَى جُموعٍ، يَسُودُ اللّهوُ و اللَّعِبُ

إن جئتَ بالصّدقِ، عابُوا الأمرَ في غَضَبٍ ... كأنَّ صَوتَهُ إثمُ الجُرمِ مُرْتَكَبُ

يا قومُ، ما مَجدُكُم إلّا بمعرِفَةٍ ... والعِلمُ إنْ غابَ، لنْ تَبْقَى لكمْ نُخَبُ

في صَرخةِ الحقِّ ما يُعلِي، و باطِلُكُمْ ... مهوَى سَرابٍ، على الأحوالِ يَنْقَلِبُ

إنّ التّفاخُرَ بالماضِي مُصيبَتُكُمْ ... قد ضَاعَ هَدْيٌ رَشيدٌ، و انتفَى الأدَبُ

هل في الصُّراخِ رُؤًى منها ملامِحُها ... تُوحِي بشيء، سوى الإجرامِ يُرْتَكَبُ؟

"اللهُ أكبرُ" في إيقاعِها شَرَرٌ ... يُخْشَى السّماعُ إذِ الأعصَابُ تَرْتَعِبُ

العَقلُ يُصبِحَ مَرهُونًا بِأمزِجَةٍ ... فيهَا العواطِفُ تَطْغَى، و المَدَى الكَرَبُ

ما مِنْ سَبيلٍ إلى تَفريغِ شُحنَتِكُم ... غيرُ الهُدُوءٍ، الذي لِلوعيِ يُحْتَسَبُ

فيهِ الأمانُ، الذي يأتي خَلاصَكُمُ ... فَاسْتَبْعِدُوا الجهلَ في أنيابِهِ النُّوَبُ