mardi 19 août 2025

الشاعرة / د.سوسن ابراهيم

د.سوسن ابراهيم
Dalal Alasadi
قراءة تحليلية بقلمي 
دلال جواد الأسدي 
لنص د. سوسن ابراهيم 
بعنوان 

وهم قديم
برغم الاسم والمضمون، ينصب على نفس المعنى من وجود الوهم. لكن هنا مقصده ليس تخيل شعور أو إحساس أو موقف غير موجود، لكن هنا الوهم حضر بعد طول سنوات كانت بعض الأرواح تفيض بالعطاء والحب لكنها طعنت وهرمت من طول الانتظار والمضي بالحياة وتمسكت بأذيال الخذلان. جاء بعدها بعد هذا كله يسأل لمزيد من العطاء ومزيد من الخذلان، كأنه يرى كأس الخذلان من منابع الخلود والباقي لا ينتهي؟ وهنا صيغ الوهم من الوهن.

الشكل العام
أول ما قرأت راودني نحو نص معانٍ تدل على حب خاضع متقبل للخيانة. أول سطور، بعدها تدرج الوصف وكأنه فتح مجرى ماء من الوضوح في سرد الشعور والخذلان والوفاء بصراع، وبعدها استعراض للقيم: الوفاء الذي ليس غباء، والعطاء الذي لم يذهب هباء. هنا يوجد انتظار عوض من أبواب السماء لكن ليس من ذات الشخص، بل من نفس العطاء يأتي من جنود يسلطهم الله تعالى كهَدية لهذا الوفاء لمن لم يصنه ولم يقدر قيمته.

— من خلال القراءة للنص للدكتورة سوسن وجدت بعض الأفكار التي تستحق بيانها.

هنا تضافرت الأوصاف في بيان حب ووفاء يكاد يكون أمام الأنانية وتقلب في الود وغير موجود بشكل حقيقي.

تبين الأسطر التي وردت من د. سوسن وصف التعب في العطاء والتعب في عدم توقع رد الفعل وعدم تبادل الحب كما يعطيه الشريك، وهنا يظهر عدم اعتدال كفة الميزان في المشاعر بين العطاء وبين الإحساس بهذه المشاعر.

انتقلت د. سوسن لعمق الشعور وتسلسل الإحساس، كأنها تروي لنا قصة خذلان مع نفحات انتظار لكن لم يكتمل رجاء بنائها.

هنا الخذلان ليس بهجر ولا الانتظار سبب البعد، لكن خذلان في تبادل الشعور كما يجب، وهجر في البقاء الكامل بكل كيان الإنسان ومكنوناته. هنا يتحدث النص عن تباعد الروح والإحساس.

عبرت الكاتبة عن الانتظار بروح الطفولة بشغفها وبراءتها وقوة العاطفة بكل صدق، لكن هذا الانتظار كأنه ظل حبيس السنوات والعمر. لم يحن وقت اللقاء المنتظر، فأخذ العمر وسنواته التي قضيت بصقيع المودة وامتزاج التباعد فيها دون جدوى.

أدنو منك كطفلة
حواء الأخرى
هذا العبارات من انتظار طفلة حتى وصول لنضوج، والشخصية تشبيه “حواء أخرى”. تغيرت الهشاشة التي كانت فيها، أصبحت أنضج لكن أضعف لأنها أيقنت ماذا تفقد؟ وأيقنت أن الانتظار المطلوب لم يأتِ بزخات مطر من عجاف الأنفس، فصارت…

غزلتني من نار
ثم نفخت في رمادي
شبهت نفسها كرماد من شدة اليأس والخذلان، ومع هذا الألم استمر الأمل والانتظار!!

عرض الواقع
هنا تنتقل الكاتبة برسم ملامح اللقاء المنتظر بأي شكل كان تتقبله بكل أنانيته وجفائه الذي يرفقه، يطالب قلب المحب تحمل كل شيء وتقبله حتى لو كان سقما أو حزنا. تبين كيف كانت المحبة تجد نبراس النور من العدم.

فلماذا عدت إلي
هنا عتب العودة بالنقص، عتب العودة المتعبة، عتب الرجوع المؤلم الذي أخذ العمر دون جدوى.

وأنت تعرف أن الطريق منتهٍ منذ القدم، لكن رغم ذلك لا زلت أرفع عيني للسحاب، أحلم بمطر لا يشبهك، بوطن لا يبيع قلبه عند أول اغتراب، أنا من خرافاتي، من ظل الكلام، لكنني سأعود حين تملّ الريح من كذبة الملام.

تناقضات في النص
فلماذا عدت إلي
تعال الآن
تعال نكسر وهم
لا تبرر ما كان

بين نداء للعودة وبين لوم على الرجوع، هنا مناجاة للنفس، ليست للشخص بحد ذاته، بل لما ذهب معه وأخذ من العمر. منادى كانت لما يجب أن يكون لكن لم يكتمل، كان أحلاما نسجت من وهم، رجاءً لمن لا يستحق.

عرض الحلم المتوقع والرجاء
عرضت الكاتبة ما يجول بخاطرها بعد مرار الانتظار، بتأمل وحلم منتظر الحدوث، آمال مشروعة وحق لكنها مسلوبة التحقيق، لكن لا يزال الأمل قائما داخل الروح المتعبة.

العودة الغير مكتملة
أبرزت الكاتبة من بداية النص تباشير العودة، لكن عندما رجع، رجع بشكل لم يكن مكتملًا، لم تكن ترغب به فانتقدته. هنا عدم تقبل الإنصاف وعدم تقبل العودة التي يسودها الأنانية في هدر سنوات العمر في عدم تكافؤ العطاء والحب.

الخلاصة والخاتمة برأيي الخاص
قصيدة نثرية، تعبيرها حواري بين الأرواح، بتعابير صادقة وأسلوب أدبي بليغ سلس. ارتكز النص على التعبير بين مرارة الحقيقة وبين ما ترغب به النفس من أعماقها، بين تناقض الواقع والحلم المشروع، من تبادل الحب والوفاء والعطاء، لكن مع الأسف غير موجود. جاء التسلسل الشعوري بشكل يلامس القلب والروح. من يقرأ بصدق يفهم ما بين السطور. لذا كان الإحساس عاليا في النص، وتوافر النهج التأملي الفلسفي النفسي بشكل كبير. أبرزت براعة الكاتبة في تناول حالة شعورية وإلقاء الضوء عليها بشكل مكثف من جميع جوانبها، بين العتب والتأمل والتساؤل وحتى الجواب، والعودة التي لم تكن كما هو متأمل لها أن تكون، مع نفحات الأمل وعدم قطع الرجاء

اليكم النص 

وهم قديم 
يسكنني طيف من وهم قديم
كان يمشي بين يديك ولا يصل
كان يرسم فوق الماء قافية
ثم يذوب على شفاه السؤال
أرهقني وجهك المتقلب
حين لبست ملامح الغيم وادعيت المطر
كنت أدنو منك كطفلة
تركض نحو حضن لا يغفر
قلت لي انتظريني
كنت أعد الثواني كأنها أنين
وكلما ارتفعت دعواتي
سقطت على رأسي خناجر السنين
حواء الأخرى غزلتني من نار
ثم نفخت في رمادي
وقالت كن
فصرت جرحا يمشي بقدمين
تعال الآن
أشعل ما تبقى من قصائدي المحترقة
تعال نكسر وهم الخلود
ونضحك على مرآة لم تعرف الوجوه
ازرع حزنك في قلبي
واسقني من كأسك الأخيرة
لا تبرر ما كان
أنا من كتبتك بالدم
ومن قرأتك تحت ضوء العدم
فلماذا عدت إلي
وأنت تعرف أن الطريق منتهي منذ القدم
لكن رغم ذلك
لا زلت أرفع عيني للسحاب
أحلم بمطر لا يشبهك
بوطن لا يبيع قلبه عند أول اغتراب
أنا من خرافاتي
من ظل الكلام
لكنني سأعود
حين تملّ الريح من كذبة الملام

 الشاعرة / د.سوسن ابراهيم
— مع ‏‎Nour La Lune‎‏ و‏‏٩٥‏ آخرين‏.