بسم الله الرحمن الرحيم
لطائف رمضانية
د.بابكر مجذوب محمد
الكنافة والقطائف.. من معالم شهر رمضان المبارك، يتسابق الناس –غنيهم وفقيرهم– في شرائها، والتفنن في إعدادها، فتحتل مكان الصدارة على موائد الصائمين طوال ليالي هذا الشهر الكريم.
ويشير بعض المؤرخين إلى أن أول من قدمت له (الكنافة) هو معاوية بن أبي سفيان عندما كان والياً على الشام، فقال ابن فضل الله العمري في (مسالك الأبصار): (كان معاوية يجوع في رمضان جوعاً شديداً، فشكا ذلك إلى محمد بن آثال الطبيب، فاتخذ له الكنافة فكان يأكلها في السحور، فهو أول من اتخذها)!
وقد شغلت (الكنافة والقطائف) الشعراء والأدباء منذ جاءت دولة بني أمية، شغلت شاعر العربية الكبير ابن الرومي، الذي كان يسر بها سرور (ابن الأحنف) بقرب حبيبته (فوز) وقد كان ابن الرومي نهماً:
قطائف قد حشيت باللوز
والسكر الماذي حشو الموز
تسبح في آذيّ دهن الجوز
سررت لما وقعت في حوزي
سرور عباس بقرب فوز
فكما تغنى ابن زيدون بحب ولادة، وهام جميل بحب بثينة، وتدله الأحنف في عشق فوز، أحب أبو الحسين الكنافة وتغنى بها.. فالكنافة فتاة أحلامه، وهي المعشوقة التي تأبى عليه وترميه بالغدر تارة، وتحرمه من صوانيها تارة أخرى.. وهو المعذب الولهان الذي يتعجب كيف تتهمه الكنافة بالغدر.. وهو الأمين على العهد، الحافظ للود:
ومالي أرى وجه الكنافة مغضباً
ولولا رضاها لم أرد رمضانها
عجبت لها في هجرها كيف أظهرت
على جفاء صد عني جفانها
ترى اتهمتني بالقطائف فاغتدت
تصد اعتقاداً أن قلبي خانها
ومذ قاطعتني ما سمعت كلامها
لأن لساني لم يخاطب لسانها
يقول ابن فضل الله العمري: "إن أول من اتخذ الكنافة من العرب معاوية بن أبي سفيان زمن ولايته الشام في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكانت تقدّم له في السحور، وكان قد شكا إلى طبيبه من الجوع في صيامه فوصفها له".
وكذلك فقد انتشرت الزلابية في بلاد الشام حينذاك، وقد وصفها ابن الرومي الذي كان أكولاً مقبلاً على ملاذ الحياة بنهم شديد قائلاً يصف الزلابية وصانعها:-
رأيته سحراً يقلي زلابيـــــــة = في رقة القِشر والتجويف كالقصب
يلقي العجين لُجيناً من أنامله = فيستحيل شبــــــابيكاً من الذهـــــب