الإغتراب والغباء
_ المكان : غرفة صغيرة تشبه زنزانة السجن
_ الزمان : ظلمة ليل تشبه النسيان
الشخوص :
_ الراوي
_ أيوب
_ القط ماو
_ الراوي :
لو كان الحب ديانة لما وقعنا…
حين يتجاوزنا الشعور إلى اللاشيء يصبح زمن التيه مرآة ذواتنا وربما نتألم ونشقى..نحاول ترتيب كل شيء من جديد فيخوننا أمر البناء بالرغم من أننا نروم مسألة الإنفتاح على الآخر لنؤسس لمفهوم " الثقافة في أساسها الحقيقي
تمثل القيمة الإجتماعية للإنسان ." "كانط"
لكن تطور التواصل البشري ربما أسس لديانة كونية مزيفة او تجارية للإستهلاك.. أو لنقل ديانة السوق...
القط "ماو" يقف قرب صاحبه "أيوب" كل صلاة، كما تعوّد أن يشاركه الحزن والجنون فيشرب معه الكأس كلما شرب..
ذات ليلة بلا آخر أبحر "ماو" في عالم غير العالم فأصابته الحمى وأيقظ صاحبه ليخبره أن وقع الصدمة كان أقوى من قدرته على الإحتمال…
_ القط ماو :
أين ضاع البشر يارفيقي؟؟
أكاد أدرك كل الدنيا
أعْلَمُها وأُعَلِّمُها…
ولكني فقدت طريقي…
يوسف خانته زليخة…
بتنهيدة وهمسة..
يوسف وقع في الوادي…
قهر الخيانة يمزقه..
وهو ينادي…
هنا أرضي..هنا ولدت…
هنا سكني وتربة أجدادي..
ما عادت زليخة لتعبأ..
أُصرُخ ما شئت…
تزهّدْ ...
تمدّد، تشهّد…
لا عوْدة للحب الأوّل
فلا تشْهَد….
يوسف اليوم فلتشهد
زليخة ماعاد يغريها المحراب
لتهيم في العشق
وربها تَعبُدْ….
زهراء، هي الأخرى تزوجت
زهراء، لم تكن شاعرة
ولكنها كتبت شعرا..
زهراء لم تكن أديبة
ولكنها أدبًا كتَبَتْ..
صادفها رجلٌ يرسم الحُمَّى
عبر رسالة على " الواتساب"
به تزوّجت..
كلّما تشاركوا الرسائل…
تولد القصائد بلا هوية…
هجينة كما التنهيدُ …
بلا شرعية..
وتهليلُ التائهين
الضائعين يبارك…
فأصبحت حاكمة …
وقاضية..
ثم بداية وخاتمة…
زهراء برسالة تزوّجت
أنجبت بعض قافية
وبرسالة أخرى تطلقت
وربما بألفٍ بعد طلاقها
تزوجت…
_ أيوب :
ما الذي فعلته بنفسك يا "ماو " ؟؟ لما عبثت بهاتفي وتصفحت العالم الإفتراضي؟؟
_ القط ماو :
(في ذهول)
مولانا يعتلي المنبر..
خطبة الجمعة على لسانه..
حلوى ..
بلسم القلوب،،بهجة الروح
عشق اللّه و محبّته…
أُكلُها المنّ والسلوى
مولانا أحبّ الشعر
بعد أن صلّى…
أغرته القافية والقصيدة ..
سال منه الحبر عشقًا..
رَسمَ الحبيبة..
المسبحة هناك على السّجاد..
قريبة..
تراقصت، بين أصابعه
رقصت،تلوت،،
تأوهت ،تكسرت…
وقعت…
تمزق خيطها..
حباتها تناثرت …
هتف جميع المصلين ببلاهة..
ونفاق…
أنت النبي مولانا
أنت لدائنا وبلاءنا ونفاقنا
الترياق...
وكل من كتب قبلك وبعدك
كتاباته تعثّرت…
_ أيوب :
هل لك أن تتوقف لتشرب الحليب وتهدأ يا " ماو"
_ القط ماو :
مخنّث يكتب إمرأة..
يرسمها كومة من اللحم…
شهوة.
كما لو أنها بضاعة للبيع …
نشوة.
والروح تهتف وجعا..
دمًا ،دموعا …
وشهقة.
بلا شفقة...
ألا إنها حواء …
حبيبتي وأمي
أكرمها آدم ورب السماء..
كيف لمخنّث يكتبها..
يصورها جسدا بلا كفن..
وقافيتها هي العزاء..
_ أيوب :
تعالى لنشرب آخر كأس يارفيقي
_ الراوي :
وجع في قلب " أيوب " يهمس "إذا فقدت الجماعة تميزها الثقافي أي مواردها الثقافية الخاصة التي لا يشاركها فيها غيرها فقدت هويتها كجماعة مستقلة" " برهان غليون"
_ القط ماو :
يقولون لن نبيع…
كلّفنا الأمر ما كلفنا
لن نبيع..
ويضغطون الشَدّة بشِدّة
كلّفنا ما كلّفنا…
وروبوت التعارف يحكمهم…
يسجل أخبارهم…
وردة الفعل عندهم..
ليرسم خطوط الطول والعرض
لهزيمتهم
تشتتوا في الأرض..
تموقعوا، تقوقعوا..
تعارفوا …
إشربوا الكوكاكولا إن شئتم..
اليوم خمر وغدا خمر ..
وبعد عمر مديد من الذل
صلاة...
غيروا أسماءكم وأعماركم ..
وحتى وجوهكم…
لا فريضة على التجميل
إسمها زكاة..
رجل المائة يقول:
لا يزال بغرزة الختان..
إمرأة الأربعين هي الأخرى
تقول مازلت بكرا صبية..
ليس في الأمر قضية..
كلنا فقدنا الهوية...
ما عادت اللغة مهمة..
تكلموا كيفما شئتم..
بكل اللهجات…
كونوا سادة الوهم إن شئتم
او سادة وساسة وحكماء
فأنتم الشعراء والأدباء..
ليس في الأمر معجزة
فقد تخلت عنا لغتنا ،
العربية…
بربكم لا تصرخوا مجددا
لن نبيع…
كلّفنا الأمر ما كلّفنا...
الروبوت يعرف…
أكثر منّا جميعا...
ويعلم كيف يدفعكم
إلى الخوف من المجهول
لتسلكوا درب التطبيع..
_ الراوي :
يتنهد " أيوب " ويحبس دمعته في عينيه وهو يقول "أفتح نوافذي لكل رياح العالم لكن دون أن تقتلعني من جذوري " " غاندي "