lundi 30 août 2021

مذكرات سجين 

الحلقة الخامسة والأربعين 
 

✍️ بقلم / عبدالله الحداد

أيها الأعزاء 

💁‍♂️ في الحلقة السابقة توقفنا بعد أن عشت في حلم حقيقي - قضاء ليلة هي أجمل ليالي حياتي - , نفضت فيها آلام السجن وشقائه , محاولا نبذ ذكريات المحنة و إلقاءها  في دهاليز الماضي المغلق , لكن ثمة أمور تحفز الشعور بالظلم و عدالة الانتقام . عندما تم الإفراج عني شخصيا , أبقوا على الدراجة النارية رهن الاعتقال كون القضية لم تغلق بعد حسب زعمهم , متعللين بضرورة الاحتفاظ بأداة الجريمة حتى يتم الفصل في القضية . 

❇️ السفر إلى القرية 

💁‍♂️ كانت المحطة الثانية بعد خروجي هي زيارة أمي وإخوتي ( والدي كان قد توفي قبل فترة السجن بسنوات ) . في يومي الأول في منزلي نمت نوما عميقا حتى صلاة الظهر , وبعدها نزلت إلى الحلاق لأحلق رأسي و ذقني . 
و بعد العصر كان موعدي مع السفر إلى القرية عبر إحدى سيارات الشاص ( إذ لم تكن الطريق قد سفلتت بعد ) .

بعد أقل من ساعة وصلت إلى  القرية .... لم تكن أمي على علم بخروجي ..... مع اقترابي من الباب سمعتها تبكي وتناديني ( واااا نزيه ) ! , أجبتها على الفور : ها قد جئت إليك يا أمي ! , لا تبتئسي فقد سجن الأنبياء والعلماء وذوي السلطان .... فلا عيب في ذلك .
لم تصدق أنها سمعت صوتي فتركت كل ما في يدها وخرجت تجري ..... ألتقتني عند الباب .... أبتسمت في وجهها لكنها أجهشت بالبكاء ! .... حاولت إسكاتها لكنها استمرت بالبكاء حتى شعرت بإشباع رغبتها منه .... كانت تحمد الله وتشكره .... ثم تسألني : متى خرجت .... وكيف خرجت .... ومن ساعدك بالخروج ؟ .... وووووو .
قلت لها : على رسلك يا أمي ! , اصبري حتى نتعشى وبعدها سأخبرك بكل شيئ . أما متى .... خرجت ليلة أمس ... 
أخوتي وأخواتي الصغار فرحوا بخروجي .... تعلقوا بي .... عانقتهم .... قبلتهم .... ثم جلسنا سويا ننتظر أذان المغرب .

🧏‍♂️ وأخيرا صدح ناجي يؤذن للإفطار .... فطرنا .... ثم انطلقت إلى المسجد للصلاة ... صلينا ثم سلمت على أهل قريتي الذين احتفوا بخروجي ..... وبعد صلاة التراويح توافد الناس من القرية وما جاورها للسلام والتهنئة بالخروج ....
ثلاثة أيام قضيتها مع أمي وإخوتي وجداتي وجميع الأهل .

🔸في اليوم الثاني من زيارتي للقرية كان لزاما علي أن أذهب لزيارة معلمتي ومربيتي وأم أمي  . زرتها بالعصر وسلمت على خالي وأهله الذين أصروا على أن أتعشى معهم ..... بعدها عدت الى القرية لأستقبل الزوار من القرى المجاورة .

💁‍♂️ بعد ثلاثة أيام أستأذنت أمي في العودة إلى تعز .... فأذنت رغم شوقها للبقاء معها .... نسأل الله أن يشفيها فقد أصيبت حاليا بجلطة دماغية وأصبحت طريحة الفراش . الله يبتلي الصالحين وهي امرأه صالحة تحفظ القرآن الكريم .

◀️ العودة إلى المدينة 
رجعت إلى المدينة و أول عزومة قبلتها كانت من الشيخ صقر الصقور الذي دعاني وقربني من مجلسه , ثم أصر على أن أعود للسمر في مجلسه الذي اجتمعت فيه الوجاهات والشخصيات الاجتماعية لتهنئته بالخروج ..... كان كلما سلم على أحدهم يقول : هذا رفيقي الأستاذ نزيه .... ثم يقول مبتسما : صاحب الموتور ! 
تعرفت على الكثير من الشخصيات هناك والبعض كنت أعرفهم من قبل .... ولا أذيع سرا إن قلت لكم أني بطبعي أميل العامة من الناس, ولا تحلو لي مجالسة المشائخ والوجاهات .... قد ينتقدني البعض في هذه العاده أو السجية التي طبعت عليها لكني حقيقة أحب العيش مع البسطاء و أرتاح إليهم , و آنس بمجالستهم .

🔹قضيت رمضان كله في الجلوس مع الأهل والأقارب والأصدقاء .

💁‍♂️ بعد انقضاء شهر رمضان ذهبت إلى الشيخ عز الدين نصير الضعفاء والمساكين , وكان وقتها عضو مجلس النواب , وحدثته عن دراجتي النارية التي ما تزال رهن الاعتقال .... كنت فعلا أفتقد دراجتي النارية فقدا شديدا .
لم لا ... وهي وسيلة مواصلاتي في زياراتي التوجيهية . وهي مصدر رزقي الذي أقتات منه .

🔸تحرك معي الشيخ عزالدين , ولم يقصر , لكن كان هناك من يعطيه وعودا كاذبة .

🤷‍♂️ ذهبت إلى الشيخ نجم الدين ... تفاعل معي ... لكن نفس المعرقل الأول الذي عرقل الشيخ عزالدين عرقله هو الآخر .
قالوا له : هذا هو الذي ورطنا بالقضية ... واعترف بأسماء الناس الذين استعاروا منه الموتور !.

🤷‍♂️ ازدادت ظروفي الماديه سوءا .... شكوت لهم حالي .... حتى صندلي تقطع من كثرة المتابعة .... كانت نتيجة كل ذلك هو أذن من طين , وأذن من عجين .
وصلت إلى الأمين العام وقدمت  شكوتي له فتفاعل معي بقوة وأجبر أولئك المعرقلين على دفع تعويض يرضيني بالإضافة إلى إخراج الموتور من السجن وإصلاحه . هنا ضاقت عليهم السبل وشعروا بأنهم ولابد سيجبرون على دفع التعويضات فلجأ أحدهم إلى ( سيف ) لينقذه ....

 وتستمر المعاناة في زمن السادية المتغطرسة!.

❇️ الفرصة التاريخية 

في خضم هذه المعمعة التي أصبحت فيها كمن وقع في متاهة ..... في عالم الماديات ... لا مكان للضعفاء وأصحاب القلوب النقية .

💁‍♂️ وذات يوم أعتبره يوم سعد لي حيث ساق القدر ذلك الفار من العدالة رقم واحد , والذي جاء يبحث عن القات من منطقة قريبة من القرية ... ترك الموتور ثم نزل يقطف القات !! .... لا أدري كيف أصابه الغرور حتى أنه لم يضع أدنى احتمالية للانتقام ! , كنت حينها في المدينة .... 

💁‍♂️ أما ماذا حدث بعد ذلك من تدابير القدر التي أزاحت عني كابوسا ثقيلا كان يرهقني. .......

🤷‍♂️ فهذا ما سنعرفه غدا بإذن الله .
فكونوا معنا

..... مليكتى ..... فتشت عنك بين النساء لم أجدك لأنك غير النساء أسرعت  أبحث عنك بين  دفاتر أشعارى  و كلماتى المنسوجة  من قلبى بأحلى الهمسات ل...