( هكذا رحلوا )
بقلمي أنور مغنية
هذا هو اليوم الذي لا يبتدي
في مساءٍ لا يضيء
في مساءٍ لا ينتهي
هذا هو اليوم الذي
فيه الموت يبتدي
هذا هو اليوم
يوم دمي ويوم يدي
يوم تمدَّدَت فيه الزهور
من جسدي
ويوم ذبلت فيه الزهور
على جسدي
غداة جمعتُ صوتي
لأصنع صدىً
وأصرخ مع جراحي
لسفن الرحيل أن ترجعَ
وتُبحرُ في دمي
وحدهم لا يسمعون
وحدهم لا ينظرون للخلف
وحدهم لا يعرفون الشبابيك
المفتوحة على ألمي
وحدهم أعلنوا مماتي
قبل أن أدرك شكلي الآتي
فكيف تحرروا من هزيمتي ؟
وكيف لا يجدون صورتي في المرايا ؟
كيف لا يشعرون بألمي
وانكسار أضلعي إلى شظايا ؟
ها هم يبتعدون غامضون
يأتون فلا يصلون
ها هم أزهارهم
تُعرِّشُ بين الحنايا
ها هي البحار
تخرجُ من عينيَّ عرايا
كلّ هذه الأحلام
اليوم تقتلُ رؤايا
كانوا وطناً
كانوا حلماً
كانوا جسداً
يختبيءُ في كلِّ الزوايا
يدي كسيرة والبحار كثيرة
حاولوا أن يرجعوا
حاولوا أن يُبحروا
لكن أين المراكب ؟
حاولوا أن يموتوا
والسماء قريبة
لكن البقاء كلَّه مصاعب
لا شيء واضح
لا شيء يأتي
كلُّ الأشياء طلاسم
كلُّ الأشياء مبهمة
وكانوا أوضح من بداياتهم
أوضح من خطاياهم
كان التاريخ يوم بدأت حكاياتهم
على حدود القلب
احتشد الدم
وأينعت فيهم نهاياتهم
إلى الجهة المجهولة
سافرت جباههم
إلى وجهي سافروا
وتسلقت رموشهم أجفاني
هدموا جدار الزمان
بوقع خُطاهم
هذا العائد الذي لا يصل ولا ينتهي
في عالمٍ لا ينتهي
لا يأخذ يدي ولا يشتهي
من أي غمامٍ يهطل هذا الحزن ؟
والأيام تتعثَّرُ بأجساد الموتى
ولا تعود بأية أغنية
حملوا بقاياهم ومشوا
مشينا معهم
وكان الليل قطار الرجوع
أتراني حبيبي ؟
أنا الآن موطناً للورد
في صدري مجموعة أكاليل
حملتها لأجلك
ماذا تُريدُ الآن ؟
لك صدري وكلّ الأكاليل
إن الأزهار برحيلك رحَلَت
خذها هناك
ولتُهدِ لكلِّ حبيبٍ إكليل
هكذا رحلوا
وبقي الشيء الوحيد
الذي يبقيني على قيد الهزيمة