رجل بلا ظل.......قصة قصيرة
يخرج من منزله حتى يستقل الحافلة إلى العمل كعادته، مستقبلاً يوما جديداً بابتسامة تشرق في وجهه و لكن الأمر يبدو مختلفاً هذه المرة، فكل ما حوله باهتاً و هو ينظر حوله و لا يلحظ و جوده أحد، سلم على خالد أحد جيرانه فلا ينتبه لسلامه وهذا جاره حسن على غير عادته لا يبتدأه بالسلام ككل يوم من أيام العمل فدائماً ما يخرجان في نفس التوقيت.
يرتبك و يعيد النظر على جانبيه فيزيد عنده نفس الشعور ، ينظر للسماء فها هي الشمس تشرق ولكنها اليوم ليس شديدة الحرارة رغم سطوعها الشديد، يدعك عينيه بيديه لعله في حلم و لم يستيقظ بعد و هو يتذكر تلك المرة التي نام من النهار ليحصل على بعض القيلولة وقد إستيقظ على صوت العصافير وقد مالت الشمس وكأنه الشروق، لينظر في ساعته ويهرول مسرعاً إلى العمل فيقابل بنظرات الاستغراب من أمه فهي السادسة والنصف عصراً في هذا الوقت من الصيف "إنت رايح فين يا حبيبي؟" .
يكاد يتراجع في خطواته إلى منزله وهو يسترجع هذا الموقف و هو يطأطيء رأسه كأنه ينسحب من معركة صباح لم يأتي بعد حين تأكد أنه ليس حلماً فينظر تحت قدميه و هو يجرجرها للوراء حتى يتيقن مما يحدث، فلا يرى ظله، يقشعر جسده و تأخذه الدهشة للحظات فينظر مرة أخرى فلا يرى له ظلاً وها هي الشمس تشرق عن يمينه فكيف لا يكون له ظل.
تزداد حيرته فيرجع مسرعاً إلى المنزل ليجد زوجته تعد الفطور كالعادة قبل إستيقاظه من نومه، ولكنها لم تحس به وهو يعبر الصالة وهو يتوارى من الخجل فربما إستيقظ مبكراً و أخطأ التوقيت، فما إن مر من أمام باب المطبخ حتى أسرع إلى غرفة النوم حتى يري المنبه، فساعة يده تشير إلى التوقيت الصحيح ككل يوم.
يتسمر في مكانه حين يدخل من الباب و تحبس أنفاسه التى لم يحس بها منذ إستيقاظه هذا اليوم حين وجد جسده ممداداً على السرير، يسرع إلى جسده يتحسس كأنه في حلم فتمر يده من خلال جسده، بل يمر الجسد من خلال يده كأنه هواء، ليجد زوجته تأتي مسرعة لتوقظه فقد تأخر على غير عادته عن ميعاد إستيقاظه من نومه، تناديه"حبيبي إتأخرت على الشغل" وهي لا تلحظ وجوده إلى جوار السرير وتحاول تحريكه حتى يستيقظ ولكنه لا حراك به ولا نفس له، لتطلق أولى صرخاتها، قبل أن يملأ الجيران المنزل وهو يسرع إلى البلكونة ليرى جرى الناس و صراخهم وهم يهرولون إلى منزله على إثر صراخ زوجته، فيلحظ أنه مر من خلال الباب رغم أنه مغلق بإحكام فلا يحس نفسه و لا يرى ظله مرة أخرى، فيرجع مسرعاً يحاول أن يسكن جسده مرة ثانية ولكن جسده يستعصي عليه كأن كل أبواب هذا الجسد غلقت دونه فيفقد الجاذبية ليعلوا خلال كل شيء فوقه من أسقف و أثاث وطيور محلقة حتى يمتزج بسحابة يوم صيفي بعيدة جداً عن الأرض و مازال نظره معلقاً بجسده الممدد على سريره.
أيمن فوزي