لاتشرك بالله
مجموعة قصص
القصة الثانية
(القاضي والمستهتر)
كان هنالك شخص ما يعتاش من العمل بنقل بضائع الناس من قريته إلى المدينة والعكس وفي إحد المرات وبينما كان آتي من القرية قاصد سوق المدينة وإذا بشخص يرتدي ثياب بدوية رستاقة يركض إليه قاصدا مساعدته فتوقف وسأله ما به فقال له أنه هنالك من يحاول قتله ولقد هرب منهم وتوسل إليه ليوصله معه بالعربة إلى المدينة إن كان ذاهب إليها فله فيها معارف فوافق الشخص وأصعده بجواره وإنطلقا وفي الطريق سأله البدوي ما اسمه وما عمله وأين يسكن فجاوبه وتابع البدوي قائل أما أنا فكبير قضات العشائر فجاوب ه بستهتار نعم نعم كبير قضات مرمي في الطريق فقال له القاضي أما سألتني ما السبب .
فجاوبه ما السبب
فقال القاضي لقد كنت ذاهبا لأقضي بخلاف حدث بين إبن شيخ عشيرة وقريب شيخ عشيرة أخرى فخرج أشخاص وحولوا منعي ومن معي من متابعة الطريق والعودة إلى من حيث أتينا فرفضت و بعد عراك معهم أستطاعو أسر من معي وأنا هربت ولآن هذا حالي .
فجاوبه ناقل البضائع جيد ما قمت به وأنك هربت ثم صمت
وبعد قليل قال للقاضي لقد قاربنا للوصول إلى المدينة فإما أن تعطيني أجر إيصالك وإما فأكمال سيرا
فأخرج القاضي المال وأعطاه أجرا ثم قال له سوف أعطيك ثلا ث جمال أيضا أما الجمل الأول فإن رافقت شخص لا تعرفه فسله عن إسمه وتعرف عليه جيدا
وأما الجمل الثاني فلا تعطي سرك لإمرأة حتى تخبرها بعواقب إفشاء هذا السر
وأما الجمل الثالث
فلا تضهر سلاحك أما إثنين أو أكثر إلا للقتال أو للحاجة القصوة
وبعد قليل وصلوا إلى سوق المدينة فشكر القاضي ناقل البضاعة و إنصرف لشأنه
وبينما نا قل البضاعة يدخل السوق إذ ينفر حصانه على حين فجأة ويوقع أشياء من البضاعة فبدأ بعض المارة في السوق بسرقت البضاعة التي وقعت فنزل ليجمعها فنفر حصانه مرة ثانية وبدء بالجري فذهب ورائه يجري حتى أمسكه وحين تفقد البضاعة وجد أن قسما منها قد وقع ونهب فستان وأكمل طريقه ليوصل ما تبقى من البضائع لأصحابها فأوصلها وروى لهم ما حدث بالبضاعة الباقية
وبعد أن أكمل إصال البضاعة وهو عائد وقبل أن يصل إلى القرية لا حظ مغارة في الجبل لم يلاحظها من قبل فقرر إكتشافها وحين دخلها وجد فيها شجيرات بطيخ وقد كان فصل الشتاء فاستغرب ولمعت برأسه فكرة أن يراهن الناس حين وصوله القرية على وجود البطيخ في الشتاء وأكمل مسيرته إلى القرية وحين وصوله إلى بيته روى كل ماحدث له لزوجته دون أن يخبرها عن خطورة معرفة الناس حاليا بمكان وجود البطيخ ثم خرج إلى مجلس المختار ليخبرهم بما حدث معه وليراهن الجالسين في مجلس المختار عن وجود البطيخ في فصل الشتاء وبعد دخوله مجلس المختار وقص لهم ماحدث معه مع ذكره أنه عثر على شجيرات البطيخ دون تحديد المكان هم بعض الأشخاص لتكذيبه فقال لهم من يراهني فقال أحدهم أنا أراهنك من ثلاث قبضات لثلاث قبضات أي قصده الرابح يدخل بيت الخاسر ويأخذ ثلاث أشياء يستطيع حملها فوافق وقال له غدا في الصباح نخرج وأريكم البطيخ فوافق المختار والجمع وشهدوا عليهم وبعد قليل إستأذن ناقل البضاعة لينصرف إلى بيته ليرتاح من عناء رحلته .
وحين وصوله إلى البيت وجد إحدى جارتهم تتكلم مع زوجته وبعدحين من دخوله إلى البيت جأت زوجته فسألها لما تأخرت فإنه تعب ويريد أن يأكل وينام فقالت له بأن صاحبتها التي كانت تقف معها كانت تسألها عن أحوالهم فقصة لها ما حدث معه فسألها وهل قلتي لها مكان المغارة فقالت له أكيد لأنها لم تصدق ني فأثبت لها المكان كي تصدق فقال لها ومن زوجها فقالت له ولما فروى لها ما حدث معه بمجلس المختار فقالت له إطمئن فليس الذي راهنك زوجها ولا حتى قريب لها فارتاح .
وفي عودة صاحبة زوجة ناقل البضاعة إلى بيتها تصادفها إحدى صديقاتها فتروي لها ما سمعته من زوجة ناقل البضاعة وقد كانت تلك المرأة زوجت من راهنه
وحين عودتها لمنزلها روت لزوجها ما روته لها صاحبتها عن ما حدث مع ناقل البضاعة فعلم منها مكان المغارة فأخذ مجرفة وخرج مسرعا قبل أن يحل الصباح فوجد المغارة ووجد فيها فعلا البطيخ فقام
بقطاف البطيخ كله وأخفى معالم وجود شجيرات البطيخ ثم عاد إلى بيته وفي صباح اليوم التالي خرجوا إلى المكان فلم يجدو البطيخ فقال لايوجد شيئ فلقد ربحت الرهان هيا بنا إلى بيته وآخذ ما تراهنا عليه وقد كان حال ناقل البضائع يرثا له وفي الطريق لمع برأس ناقل فكرة أن يذهب ليبحث عن القاضي لعله يساعده فقال للناس أنا عند رهاني ولاكن سنأجل التنفيذ لبضعة أيام فقال المختار لبضعة أيام لا أكثر وإلا فلا تقرب مجلسي بعدها أبدا
فعاد إلى بيته وأخذ خنجر وحصانه وودع زوجته وإنطلق بحثا عن القاضي وفي طريقه للبحث صادف راعيان يرعيان الغنم فسألهم عن القاضي فقالوا له أنهم يعرفونه وأنه يعيش في عشريتهم وهي ليست بعيدة فطلب منهم إيصاله إليها فقالوا له لا يستطيعون العودة حتى المساء كي يشبع الغنم ولاكن سيرشدوه إلى الطريق وبعد أن أراد أحدهم سأله الثاني إن كان معه ما يذبح به خروف قد إصيب حين الرعي ولن يصمد حتى عودتهم فأخرج خنجره وأعطاه إياه وبعد أن تفقد الخنجر من الخارج والداخ أعاده له وقال لن أذبحه أخاف أن لا يصدقني الشيخ أنه قد ذبحته لأنه تعثر
فانطلق حيث أرشدوه فوجد العشيرة فاستقبلوه أهل العشيرة بالترحاب وأخذوه إلى شيخ العشيرة حيث وجد القاضي جالسا بالمجلس فعرفه القاضي ورحب به وبدء يروي ما حدث معه وأنه أتا طالبا المساعدة فقال له القاضي حين يأذن لنا الشيخ سآخذك لبيتي وأعلمك ما تفعل وبعد فترة عاد الرعيان ودخلا المجلس وجلسا ثم قال أحدهم وهو ينضر لناقل البضائع وقد بأن سلاحه في جنبه هذا هو هذا هو يا الربع هذا خنجر أخوي يلي لقيناه مقتول من سنتين وأريد الساعة إما القصاص وإما إديته والدية مبلغ من المال يقدمه أهل القاتل إلى أهل المقتول حقن لدماء فقال شيخ العشيرة وما علامات خنجر أخوك من الداخل فقال له عدة علامات فطلب الشيخ من ناقل البضاعة إعطائه الخنجر فأعطاه إياه ففتحه فوجد العلامات فعلا فسأل الشيخ ناقل من أتيت بالخنجر فقال له أنه ورثه من أباه منذ عشر سنين فقال القاضي لشيخ هل تسمح لي به إلى الغد كي أكرمه كما ساعدني فأذن الشيخ للقاضي بأخذه إلى بيته فطلب الراعي من الشيخ أن يأخذ ميثاق من القاضي أن لا يكلم ضيفه حتى الغد وهذا طلبه الوحيد لصبره على قاتل أخيه حتى الغد فوافق القاضي وأخذ ناقل البضاعة لبيته وأتا بقط وأجلسه بينهما وخاطب القط قائل هل أريتهم سلاحك ياقط أجب يا قط قبل أن يقتلوك أويأخذوا حصانك وسلاحك فجاوبه ناقل نعم
ثم قال القاضي ألم أحذرك ياقط
فقال ناقل للقاضي أتوسل إليك جد لي حل
فقال القاضي ياقط غدا قل له أستحلفك بالله و رسول الله وكل من والاه وأستحلفك أن تقول الصدق وإن أبيت أطلب من الشيخ الاستئذان (بالبشعة ) والبشعة هي طريقة يستخدمها بعض البدو وهي قطعة من المعدن تحما على النار ثم توضع على لسان المتخاصمين لمعرفة صدق كل منهم
وفي اليوم التالي فعل ناقل البضائع كما سمع من القاضي فكان رد الراعي أنه ليس خنجر أخاه ولا كن إستشبه به
وبعدها علمه ما يفعل بمن راهنه ثم أكرمه وأوصله إلى مشارف قريته وعاد لعشيرته
وحين عودة ناقل البضائع أسند سلم على حائط بيته من الخارج وسلم من الداخل وقال لزوجته أوصدي الباب حين أخرج وحين آتي مع أهل القرية وأطرق الباب إدعي أن الباب لا يفتح ثم خرج إلى مجلس المختار وقال لهم هيا لأفي برهان وحين وصلوا بيته طرق الباب وفعلت زوجته كما قال لها فحاولي فتح الباب ولم يفتح فقال لهم هيا لنصعد السلم وندخل البيت فوافقوا وحين صعد خصمه في الرهان السلم وقبض ثلاث قبضات في السلم الثاني الذي داخل بيته وهو ينزل صاح بالذين حوله ويشهدو انتها الرهان لقد قبض ثلاث قبضات من درجات السلم داخل بيتي فأثنا المختار والحضور عليه و قالوا صدقت وفتح الباب وقال له خذ السلم كله وإنصرف أما البقية فليتفضلوا إلى المضافة أهل وسهلا بكم وتعلم درسا بعدها بعدم الاستهتار بخبرات وقدرات الآخرين حتى ولو إحتاجوا له
أ . غياث شطح