mercredi 2 février 2022

...........................لقاء على الرابية
– بعد ليلة وقد طالت و صور قصة ملك الإحساس تسرق النعاس من أجفاني ، و وجهه العابس يذكرني بالبؤساء ، مرة أشاهد التلفاز وتارة أدنو من ورقتي أخط عليها بدموع القلم حكاية كئيب ظلمته الحياة ، ثم أقوم و أعد متى يبتسم الصباح لينشر ظلاله على شرفات المنازل .
– أتى الموعد ثقيلا واتجهت طالبا مكانه المفضل ،و سرت  مسرعا على الممر المعتاد صاعدا ونازلا بين أشجار منتصبة تتمايل أغصانها تصدر بحفيف أوراقها نغما يطربني يؤنس خطواتي ، وأزهار الربيع المنتشرة تبتسم من ثغور حمراء كالحلي وصفراء كالذهب وبيضاء كالفضة ، تعطر أنفاسي تبعد عني خيالات المهموم الذي ينتظر حضوري ، يرقب مجيئي في الموعد المحدد،.
– وبعد ساعة من السير وقفت أمام الرابية تحيط بها أشجار مصفوفة باتقان مختلفة الأنواع ، مزينة بالأغصان المتعانقة تضم بين جذوعها أزهارا متناسقة الألوان ، يفوح منها عطر يعطر قطعة الأرض برائحة الطيب الزكية تخالف هيئة ما حولها.
– لاح لي من بعيد محاطا بسرب من الطيور ومجموعة من العصافير تستأنس وحدته يحدثهم عن الأماني والأحلام يشاركهم الإنشاد والترنم ،لما اقتربت منه أكثر لم يحس بوقع أقدامي وإنما شعر بوجودي عندما تفرقت موسيقى الإستئناس مبتعدة عن سمعه  معلنة له قدومي .
– ارتاح وخف للمعروف كاليتيم المشتاق لعطف من رجل كريم ، جلسنا هادئين كأن روحا خفية تسللت بيننا تأمر الصمت والحذر ، والتف نحوي وقال مبتسما :
جئت في الوقت أقر أنك صاحب مواعد .
سررت بكلماته وحدقت في عينيه وقلت :
إن صديقك حدثني كثيرا عن وقائع شبابكما وقصتك الحزينة .
نظر إلي نظرة المتعجب وعاد يحدثني باهتمام والرقة تغمر لسانه مفعمة بالأماني والأحلام كأنه ظفر بسر سحري  يعيده على أثير الذكرى إلى الأيام الخوالي .
– كان يتحدث من العمق متذكرا أطياف الأنس ، عن وقوفه أمام  عواصف الدهر صامدا ناسيا ما تخبئه هواجع الحياة العمياء لكل عاشق ، عن الجمال وعلاقته بالروح ، عن المحبين ومرارة الحب بعدما تنفجر أعصاب الأوهام وتنكسر مجاذف الإبحار ، فيجد المحب نفسه أمام مرآة يرى فيها حقيقة نفسه محطمة هيئتها مغيرة ، وعن حرقته بها في الفضاء الأزرق .
– مضت تلك الأمسية متأوهة ألامها وأحزانها فوق الرابية بين الأشجار والأزهار ، وانحدر قرص الشمس تاركا أثر قبلاته الحمراء على قمة الجبل الشامخ وملك الإحساس يتنفس أوجاعه ويقص أسراره عن التقارب واللقاء عن الحب والفراق .
–وبكل لطف ولباقة وجمالية ابتسم وقال :
غدا سأكمل لك بقية الأحداث ، وشفتاه ترتعشان قليلا ولم يزد شيئا ،فاستأذنته ومشيت نحو المنحدر وبقي قابعا فوق مسارح أفكاره بجانب ركام الأحداث يتأمل معالق وقائع قصته.
– في المنعرج التفت خلفي رمقت عينيه مازالتا تلاحقاني برؤية عجيبة التي لم أعرف محتواها ، واصلت السير وتركته حيث ينزف القلب ويضمد بالخلوة تحترق الروح وتشفى بالوحدة ، وأسدل الليل ستاره الأسود ولم تنتهي الحكاية .
بقلمي / حسين حطاب

أنا الراحل أنا الراحل .. بعيد أطوي المسافات أغادر .. سنين ملأى على ناصية أفق شاحب .. أنا الراحل بعيد أسافر على براق الطمأنينة مطرز بصفاء الن...