طوق النجاه
لا أدري هل ألوم أبي أم ألوم نفسي على عدم التريث في الموافقه على زواجي من أبن عمي حسام ربماتبدلت حياتي فأسعد بها فالإنسان غالبا ما يعتقد أنه إذا تغيرت ظروفه وتبادل بعض أبطال روايته ربما يجد السعاده التي ينشدها وتتحقق الآمال التي طالما حلم بها. وترجع الموافقه على زواجي من حسام لأنني ظننت أنه بمثابه طوق النجاه ينتشلني من الظروف الصعبه التى كنت أعاني منها. فمنذ وفاه أمي ضاقت الحياه بنا أنا وأختي الوحيده ساميه ومما زاد الأمر سوء عندما بادر أبي بالزواج من إمرأه أخرى ومن يومها_سامحه الله_أودعناعند خالتي بحجه ضيق المكان.
ومنذ اليوم الأول أوكلت إلينا خالتي لي ولشقيقتي كافه أعمال البيت. أعتذر والدنا أيضا عن عدم أستطاعته توفير احتياجاتنا لقله موارده الماليه بينما نعلم جيدا أنه لايدخر جهدا ولا مالا في سبيل إرضاء زوجته الجديده..!
فقد شعرت بأنني لم أعد أحتمل المزيد من المعاناه. وكاد ينفذ صبري ولا أدري ماذا يحدث لي لو تأخرت عن الفرار من هذه المعاناه وأن كنت شعرت ببعض الأنانيه لأني قد أغفلت شقيقتي ساميه فقد أعتدنا على العيش معا منذ الصغر على السراء والضراء. ولعله يشفع لي أن شقيق زوجى قد أبدى إعجابا بها وتمنيت أن يكون سببا في خلاصها من كل هذه المعاناه.
لم أكن أعلم أن زوجى الذي ظننت أنه بمثابه طوق النجاه هو الآخر أودعني في زنزانه أخرى جديده عباره غرفتين داخل شقه تضم والديه وشقيقته وشقيقه.. وأم زوجي هي الأخرى أوكلت الئ كافه أعمال البيت وحرصت علي راحه أبنتها مثل خالتي تماما دون مراعاه حداثه زواجي.
هكذا تركنا والدي نعاني أنا وشقيقتي في حياتنا منذ وفاه أمي ولم يعد يحضر لرؤيتنا إلا نادرا وعندما يأتي للزياره يغمض عينيه عن الدموع التي كانت تنهمر سواء من عيني أو عين شقيقتي ساميه من جراء ما وجدناه من معاناه في بيت خالتي أو حتى في بيت زوجى ظننت أن والده زوجى سوف تعاملني مثل ابنتها فتضمني إلى صدرها وتحتضني لتشعرني بالحنان والرفق وتعوضني عما أعاني منه منذ وفاه أمي .. حتى زوجى كلما هممت بأن أشكو له حالي فاجده كوالدي يغمض عينيه عما يحدث لي فضلا عن أنه كان لايزال يؤدي الخدمه العسكريه فيضطر للسفر الدائم ولا يبقى معي إلا بضعه أيام قليله.
وذات يوم علمنا بمرض ابي فأتفقت انا وساميه على الذهاب لزيارته.. وهناك كانت المفاجاه...!
في زيارتنا لوالدنا وجدنا (أشرف) عند زوجه عمي التي تقيم في الشقه المجاوره لشقه أبي فقد كانت تتنقل إلينا أخبار أشرف مابين وقت وآخر ولم نره من قبل.
وشعرت بصيص من الأمل يشرق على ظلمه حياه شقيقتي إذ أنها قد أعربت عن إعجابها بإشراف وقد سعدت لذلك في الوقت الذي أعرض عنها شقيق زوجى عندما وجدها في بيت خالتي ترتدي ثيابا رثه مبلله ولم يلتمس لها العذر لأنها كانت تنفرد بأعمال البيت كلها عند خالتي.
وسعدت أيضا لأن ذلك قد يخفف عني وطأه الإحساس بالانانيه لأنني انفردت بالخروج من زنزانة خالتي دونها.
ولكني أعترف أن أحساس الأنانيه كأنه يأبى أن يغادرني فقد أعجبت أنا الأخرى بشخصيه أشرف وكتمت أمري على شقيقتي. ولم انم يومها من كثره التفكير فيه الأمر الذي زادني ألما للتسرع في زواجي من حسام حيث كان من الأفضل أن اتمهل لعلني أجد الإنسان المناسب الذي تتحقق معه كل أمالي التي كنت أتمناها.
توالت زيارتنا لرؤيه أبي أثناء مرضه وفي نفس الوقت كانت الفرصه سانحه لرؤيه أشرف والحديث معه.
وما أحزانني أنه أثناء عودتنا أخبرتني ساميه أنها تنوي الأعتراف لاشرف باعجابها به في الوقت الذي قفزت علاقتى به قفزات سريعه لدرجه إنساني تماما الأوجاع التي أعاني منها في حياتي.
في ذات يوم أحسست أن المنافسه قد اشتدت بيني وبين شقيقتي في الإعجاب باشرف وقد ظنت هي أنها باعجابها له قد أقامت جدارا عازلا بيني وبين أشرف وغاب عن بالها أنني قد اخترقت جدارها وتجاوزته.
ويبدو أن لكل سعاده ما ينغصها ويعكر صفوها فما أن رأينا زوجه عمنا حتى أخبرتنا بخبر وقع علينا كالصاعقه فقد غادر أشرف البلاد قبل حضورنا بساعه تقريبا.
ساد الصمت بيننا.. بكت ساميه بشده.. أما أنا تمالكت نفسي وان كان في أعماقي بركانا يكاد ينفجر.
وهكذا عدت أنا وشقيقتي صفر اليدين...!!
فهل نجد أشرف آخر...؟
مع تحياتي(عبد الفتاح حموده)