وانهمرَ السكونُ
التفتُّ الى ورائي
فلم أجدكِ
ناديتُ :
أينكِ أفلا تجيبيني !
ولا غير الصدى الباكي يعودُ
على هذي الأريكةِ والكراسي الفارغة.
ها أنا وحدي غارقاً في الذهولِ
تثقبُ أضلاعي الأسئلةُ
أنا هنا
فأين أنتِ ؟
.....................
البقاءُ للهِ
ولا بقاءَ لي أيتها المسافرةُ الجميلةُ والضحية
فمن يقلّبُ هذي الحروف بعدكِ
ثم يحصي الجراحَ بخافقي
ويمطرني بالسماحةِ والحروف النديّة ؟
مَن سيلقي عليَّ الظلالَ
ويبسمُ في حزنٍ شفيفٍ :
( لك الحمدُ ان الرزايا عطاءٌ
وانّ المصيبات بعض الكرم)
وتبكي كالصغارِ مابين روحي الشريدةِ
واكتئاب انفاسِ الليال ؟
هل أحيطكِ علماً أنّ كل أشجار النخيلِ تشعرُ بانتظارك
والعصافيرُ تبكي
فلقد فقدت أعشاشها عند عينيك ،
وهل احيطكَ علماً
أنّ غزلان الحقولِ ترفضُ أن تغادرَ من أماكنها
فهي تنظرُ دون جدوى لمكانك !
كيفَ استطعتِ أن تدمي الزهورَ لتجهشَ بالبكاءِ
وترمي الثيابَ عن تيجانها
فتمتليء السلال ؟
كيف استطعتِ أن تسقي السنابلَ بماءِ الرحيلِ
وتنثريها ذهباً من طيوب الكرنفال ؟
الكلُّ متهمٌ بموتكِ
حتى العصافير البريئةِ
والخيول الجامحات
وصوت الناي ، والسلافةُ ، والشرائعُ
والمطارق والطريق
الكل متهمٌ وجانٍ عليكِ
وليس من احدٍ لايشارُ لهُ
فلا المتخمين ولا اللصوص ولا الزمان
ولا الصحاري تفرُّ ولا الجنان
ولا الاحرارُ تبيضُّ وجوههم
ولا المارقين ولا الصغار ولا الكبار ولا المكان
لا النساءُ تفرُّ ولا الشيوخُ
ولا الشواطيءُ ولا المسالخُ
ولا الماضون ولا الباقون
ولا الانهار ولا الاوطان
انا لا أبرّيءُ حتى الباب والمزلاج
والموائدِ ، وقارورة العطر المفضلِ
واصوات البلابلِ والضباب
أنا لا أبرّيءُ كل شيءٍ
يا ايها القبسُ الذي ذوى بين العُجالةِ والتراب .
أنا لا أُرثيكِ بل أُرثيني
أيتها الصديقة الذي اصطفيت رئتي
مثلما تصطفي معاطفها القصائدُ
والجبالُ لو لبَسَت نصاعةَ لون الجليد ،
فعلى الرهافة والندى
وعلى المَلاحةِ والضحكاتِ السلام
وعلى السلامِ السلام
فلقد سرقتِ من العيونِ بريقها
ومن البحارِ زرقتها
ومن الزيتِ زيتونهُ
ومن الكبريتِ شعلتهُ
ومن الأشجارِ خضرتها وحفيفها وثمارها ..........
-------------------