يا لائِمي في سَفَرِ النُّورِ الَّذي قَطَعَتْ
ما جُبتُ دَربًا سوى للهِ مُنطَلَقَـــا
لَم تَثنني جَائِحَاتُ الخَوفِ في طَرَقي
بَل كُنتُ صَخْرًا، إذا مَا المَوجُ قد سَبَقَــا
سَيَرتُ والنَّفسُ تَشكو مِن مَجاهِلِهَا
حَتَّى بَدَتْ في سَماءِ العزمِ مُحترَقَــا
أَرفعُ كَفِّي إلى مولايَ فِي ثِقَةٍ
أنَّ الضِّياءَ يَجيءُ لَيلاً، بَعدَما شَرَقَــا
إِنَّ الطُّرُوقَ التي أبكَتْ مَدَامِعَنَا
لا بُدَّ تَأتِي نَهَايَاتٌ بها تَرَقَــا
فَامضِ وأَرْخِ لقلبِ الصَّبرِ أَجنِحَةً
مَا ضَاقَ صَدرٌ بِكُربٍ لَم يَكُنْ أَلَقَــا
هذي الحَياةُ وإن طَالَتْ مَشَاقُّهَا
ما فَتَّ في عَزَماتِ الصَّابرينَ عَتَقَــا
كُن قَادِرًا أنْ تُرِي النَّاسَ المُنى وِهَنًا
كَم مِن غَمَامٍ جَفَا يَومًا وما سَبَقَــا
تَنسابُ نَفسِي إلى آمالِها شَجَرًا
مَا هَزَّها ريحُ فجرٍ بل بَنَتْ أُفُقَــا
سِرْنا وخَلفَ الرِّيَاحِ الصَّعبِ نَحْمِلُهَا
نُضِيءُ طُرْقَ المَدى حَتّى غَدَتْ طُرُقَا
ما اِنحَنَتْ هِمَّتي يومًا لِعَائِقَةٍ
وَلَا انْثَنَتْ عَزْمَتي إذ أَوشَكَتْ غُرُقَا
تَغدو النُّجُومُ بِلَيلِ الصَّمتِ تَبعَثُها
نَفْسٌ أَبَتْ أن تَرى لِليَأسِ مُنطَلَقَا
حَتَّى تَفَجَّرَ فِي أَحشَائِنَا أَمَلٌ
لَمَّا رَأَينَا الصَّبَاحَ يَملأُ الأُفُقَا
فَاصْبِرْ فإِنَّ سَبيلَ الحَقِّ مُؤتَمَنٌ
مَا كَانَ مَسرَاهُ إلاّ لِمَنِ التَحَقَا
وَاعلَمْ بأَنَّ ضِيَاءَ النُّورِ يَسبِقُهُ
فِي نَفسِك الوَعدُ إذْ يَجلُو الوَرَى شَرَقَا
نُعانِقُ الحُلمَ فِي مِيدانِهِ غَدَقًا
وَنَغرِفُ المَجْدَ لَمّا صِرنَا طُوًى أُفُقَا
فَابذُلْ جَهُودَكَ واصْعَدْ فِي سَنَابِلِهَا
تَلقَاكَ أرْضُكَ تُزهِي نَبتَها ورَقَا
أسماء الحريزي
