<< حلم اللقاء >>
بعد دهر إلحاح وصبر وشقاء ، كان موعد ساكنة السحاب للقاء ، عند مرفأ لمس السماء للماء .
إنزلق في قارب بدافع من لهفته ، ومسك المجداف برعشة من بهجته ، يصارع الموج ليزيد من سرعته ، بوردة حمراء أمسكت بها شفتيه ، ورذاذ موج قد بلل جفنيه ، وهواء بارد قد أدمع عينيه ، والقارب يتأرجح يكاد يطيح بوعيه ، يبتعد بعيدا به عن شاطئ حييه ، وهو بعناد ماض به في سعيه ، يرافقه للقاء شغف وولع ، يقاوم به الخوف والهلع ، وينسيه عناء الألم والوجع .
يحلم بلقاء فيه رقة مشاعر ، مع نسمات ناعمة ونغم ساحر ، ومناجاة عيون بحديث ساهر ، بقلوب عطشى تزامنت في دقاتها ، بدفء أيادي تعجلت في لمساتها ، بأرواح تذوب وهي في أجسادها .
وصل فوجد مرفأ تلفه الرياح ، والغمام يغزل من أناتها وشاحا ، خرست طيوره وزادت كلابه النباح ، هربت الرؤية من عتامة جنباته ، وظلال الخواء فرش ممراته ، وماؤه قد فر من أعمدة مرساته ، وعند وصوله كان قد مر السحاب ، فضاع اللقاء وضاع صوت العتاب ، فقرر أن تكون الرحلة دون إياب .