موت الضمير
بقلمي د. عزمي رمضان
موت الضمير ... وهل تبقى هناك ضمير لهذه الأمة الخانعة أمة الملياري مسلم ، وعن اي ضمير نتكلم ، الضمير الإنساني أو الاخلاقي أو الاقتصادي أو السياسي أو الإعلامي ، عن اي ضمير نتكلم وقد تم تشييعه إلى مثواه الأخير في غزة وما حدث ويحدث في غزة والضفة وفي لبنان وما سيكون بعدهما .
هذه الكلمة وهنا اقصد بالضمير أصبح مستترا عن كل الاحداث الجارية حول العالم ، عن ما يجري من إبادة وتطهير عرقي وتمييز عنصري ، عن ما يحدث من تدمير ممنهج للبنية التحتية من قصف المستشفيات وتدميرها حتى خرجت عن الخدمة ، عن تدمير دور العبادة ، عن تدمير الكهرباء والصرف الصحي وشبكات المياه .
عن اي ضمير نتكلم ،عن الضمير الذي لا وجود له ام عن الضمير العالمي الذي أيضا أصبح في إجازة مفتوحة مع تغييب كامل لدور المنظمات الدولية والهيئات الحقوقية وحقوق الإنسان
التي هي فعليا كلها اسماء وهمية تقبع تحت الهيمنة الإمبريالية وا ل ص ه ي و ن ي ة ومعهم الغرب المؤازر المتوحش لهذه المجازر .
اصبح الضمير في خبر كان وانفصل عن الواقع تماما ومن المستحيل أن يعود ضميرا متصلا بل الحقيقة أنه منفصلا حتى عن كل مشاعر وأحاسيس البشر لانه لربما كنا نحن من طينة غير طينة البشر حتى لا يتحرك فينا ما نشاهده من مذابح وإبادة وتدمير وتهجير.
كم استصرخنا الضمير العالمي وكم استنكرنا ونددنا وشجبنا في قمم تلتها قمم وقمم لكن السيطرة على هذا العالم من قبل من لا يعرفون ما هو الضمير ذهبت أدراج الرياح .حيث اغتالوا المبتدأ والخبر
لذا يجب أن نعيد صياغة تعريف جديد لكلمة الضمير فحرب غزة أعادت تكوين الاشياء واعادت صباغة كل المصطلحات واعادت حتى الأبجدية إلى جهابذة اللغة العربية لتكتب من جديد بحروف جديدة ومعاني خارجة عن المألوف وعن الوقوع في العادي والتكرار ، لعل نوافذ الاشياء تطل من جديد على غزة بما يتلائم مع مستوى الحدث وما يتلائم مع الالم، ووجع الرحيل عبر شواهد القبور لشهداء من هنا عبروا عبر بوابات الدموع فجفت دماءهم أثناء ارتقاء أرواحهم لتصنع مجدا بعيد تكوين الكرة الأرضية بلا حدود صنعتها الإمبريالية وا ل ص ه ي و ن ي ة ومن ورائهم الغرب اصحاب العنجهية والحروب الصليبية .
عن اي ضمير نتكلم ايها السادة
عن جثامين الشهداء بلا قبور ، ام عن منازل هدمت فوق أصحابها ، ام عن عائلات ابيدت باكملها شطبت من السجل المدني .
كان هناك ما يسمى بالضمير المتصل في وجداننا وانفصل وتشتت واستتر وغاب . وتشتت جمع المذكر السالم .وابيد جمع المؤنث السالم وبكينا على الحال بسبب التمييز العنصري والفاعل يتفرد بسطوته وجبروته أمام مرأى العالم أجمع والمفعول به بختبئ في ملاجىء القهر والوجع
واصبح ظرف الزمان دائرة تدور لنا منذ فجر السابع من أكتوبر ولن تكون علينا باذن الله وسيتغير ظرف المكان لتعود غزة مع الضفة إلى حاضرة العالم من النهر الى البحر ولكن حين يعود الضمير المتصل وحين نعيد تراكيب اللغة العربية ونسطر من جديد المعنى الحقيقي للانتصار .
طبتم وطابت فلسطين من النهر الى البحر بالف خير