samedi 23 novembre 2024

يا زهرتي 
من أجمل أيام العمر في حياة المرء هي تلك الفترات التي يقضيها في القرية التي تعتبر نبعا للكرامة التي تمتد جذورها من ذلك المكان
 فقريتي ذات مساحات واسعة ومنازل قليلة العدد... ومع كل خطوة بين جبلها وحقولها لي أثر...
 ومع ذلك خيرنا، أنا وزوجي، الرحيل لننعم بما يعوز قريتنا من زهو وطرب...
 شقتي الجديدة تطل على البحر... في مدينة لا كبيرة ولا صغيرة... خضراء... بأشجارها وياسمينا وورد المجنونة المتسلق ومغطي الجدران... إنها لوحة مونيه «انطباع شمس مشرقة»...
 في أول يوم اغترابهما، استيقظ زوجها أولا، حوالي الساعة العاشرة صباحا. ذهب لإعداد القهوة، وقام بتشغيل الراديو، ومنع نفسه من تدخين سيجارته الأولى. كان يرتدي سروالا أزرق وسترة بيضاء متأهبا لشراء الجريدة والخبز. وعندما عاد، كانت حرة لا تزال نائمة. حاول إيقاظها من النوم، لكنها تأوهت بمزاج سيئ. اتركني وسلامي، استمتع بحريتي بعيدا عن العيون الغيورة. وأخيرا، أقنعتها رائحة القهوة لتستيقظ وتجلس في السرير. كانت عارية وتحمل الملاءات فوق جسدها. تناولا الفطور في السرير، -من حين لآخر- يقرأ الزوج صحيفة الأمس، وهو يتذمر من الصحفيين الرديئين، ويعلق بشكل إيجابي على الأحداث الأخرى. "حرة" نهضت أخيرا. لم تكن تحب التحدث في الصباح. كانت تحتاج إلى ساعة من إعادة التأهيل مع يومها. وقفت، وتمددت، وصعدت إلى حوض الاستحمام لتستحم. وكأنه حمام تشبيبها... انتظرت حتى يدفأ الماء المثلج وأن يعتاد جلدها على التلامس المختلط بين الهواء وتدفق الماء. احتفظت بقدم واحدة في حلمها...
 دارت بنظرتها في الغرفة كل شيء ساكن كسكونها هي... صامت من صمتها... هل أنت السبب يا "حرة"، قالتها والبسمة تزين وجهها... منذ ولدت وأنا ثائرة، يجب على أن أضع السلاح وأطلق جناحي إلى الحياة... تزوجت من الرجل الذي أحبه رغم اعتراض عائلتينا... كنت البنت الهائجة وكان الابن الوحيد المدلل السكير؛ كنت أول فتاة ركبت الدراجة... لا أنسى صياحا أميا "سوف تفقدين عذراتك"؛ كنت أول بنت ذهبت تدرس بعيدا عن القرية وسكنت وحدها بشقة منعزلة... وما زلت أسمع كلام القرية إنها ضائعة؛ كنت أول بنت قادت سيارة ولا أنفك الرجال بنعتي بالمرأة الرجل؛ كنت أول بنت عملت في السياحة، قالوا فاسقة...
أمي المسكينة لم تفهم معاني كل تلك الزوابع و لم تجد لهن حل! أما الألم الذي كبل مسيرتها ، فهي لم تعي لماذا أفرباءنا حقرننا و هجرونا. و ما تجد تفسيرًا لهذا القلق الذي ألمٌ بعائلتنا...كنت السبب دون منازع.
و دارت الأيام و محظور الأمس اصبح موذا اليوم، تصفق له العائلات المحترمة...إلا ركوب الدراجة مازال عورة...لا اعرف لماذا؟
إذا أردت أن تنعم بالسعادة أبتعد من عائلتك.. قال لي جنوني.
اخترنا المدينة و تركنا القرية... مكرهان... و جئنا مثل السلحفاة نحمل حملنا فوق ظهورنا بحثا عن الحرية...
خرجت من حمامها...و هيأت نفسها للخروج...و إذا برائحة الزهور فاح عطرها في قاعة الضيافة...باقة ورد احمر...و رسالة صغيرة... إليك يا زهرتي... 
عدلت "حرة" عن مغادرة البيت و بقت تترقب رجوع حبيب القلب.
بقلمي عبدالفتاح الطياري 
مرسيليا فرنسا

« الفراغ النفسي.. أسبابه وعلاجه » معظم الناس أصبحوا يشعرون بالفراغ... ليس الفراغ من قلة العمل... إنما يشعرون بالفراغ الباطني.. بالفراغ ال...