<< الرقص مع المجهول >>
إنفلتت من بين الواح نافذتي خيوط ضوء رفيعة ،
سرحت بداخلها عوالق لامعة دقيقة ، رشيقة الحركة ناشطة ، تهيم وهي سعيدة راقصة ، شدني رقصها وثارت معها حماستي ، وفكت روابط جسدي وحررتني من جلستي ، تابعتها حتى التصقت خيوط الضوء بجبهتي ، وسكنت العوالق عيني وحجبت عني رؤيتي . وفجأة أخذت تهرب من نافذة غرفتي ، تشرد من سكون يقطعه رشف قهوتي .
فركت عيني برهة وعاودت فتحها ، وبلهفة من يدي دفعت عن النافذة ألواحها ، فجاءني الفراغ وكأن العوالق ذابت فى فضائها ! .
كيف وما تمنيت إلا مرافقتها ؟، وأن أشاركها جمال رقصاتها ، فقفزت من النافذة ورائها ، أبحث عنها وعن بهجة حركاتها ، وجاء السقوط بسحجات تركت علي آثارها ، وملابس تمزقت وطمس التراب ألوانها .
رجعت منكسر إلى غرفتي ، وقد بردت على الطاولة قهوتي ، وكأني لأول مرة ألحظ جمال غرفتي ، وروعة الهدوء والسلام بمهجتي ، وما هي إلا عوالق سلبت كبريائي وتعمدت إهانتي .