إطلالة
ل عبادي عبدالباقي
أفضل الخلق بعد الإنبياء.
قال لي شيخي :-
الصحابة هم أفضل الناس بعد الأنبياء، وجميعهم عدول ، ولا يجوز الطعن فيهم ولا الانتقاص منهم ، فهم خيرة الخيرة ، قال الله تعالى:- "وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُخَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " . {التوبة: ١٠٠}.
أولا :-
مفهوم صحابي:-
كل من لقي الرسول مؤمناً به ولازمه زمناً طويلاً .
أي هومن طالت صحبته وملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم .
كذلك من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو مؤمن به ولو ارتد ثم عاد إلى الإسلام .
ثانيا :-
فضل الصحابة :-
الله سبحانه أعلم حيث يجعل رسالاته أصلا وميراثا ؛ فهو أعلم بمن يصلح لتحمل رسالته فيؤديها إلى عباده بالأمانة والنصيحة ، وتعظيم المرسل والقيام بحقه ، والصبر على أوامره والشكر لنعمه ، والتقرب إليه ، ومن لا يصلح لذلك ، وكذلك هو سبحانه أعلم بمن يصلح من الأمم لوراثة رسله والقيام بخلافتهم ، وحمل ما بلغوه عن ربهم .
قال تعالى :-
" وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ "
(الأنعام/٥٣) .
أن الله تعالى حباهم من الفضائل ، وخصهم من كريم الخصال ، ما نالوا به ذلك الشرف العالي ، وتلك المنزلة الرفيعة عنده ؛ وكما أن الله تعالى يختار لرسالته المحل اللائق بها من قلوب عباده ، فإنه سبحانه يختار لوراثة النبوة من يقوم بشكر هذه النعمة ، ويليق لهذه الكرامة ؛ كما قال تعالى :-
" اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ
رِسَالَتَهُ "
(الأنعام/ ١٢٤) .
جاءت الآيات والأحاديث بفضلهم وعلو منزلتهم ، جاءت أيضا بذكر الأسباب التي استحقوا بها هذه المنازل الرفيعة ، ومن ذلك قوله تعالى :-
" مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً
وَأَجْرًا عَظِيمًا "
(الفتح (٢٩). )
ومن أعظم موجبات رفعة مكانة الصحابة ، ما شهد الله تعالى لهم من طهارة القلوب ، وصدق الإيمان ، #وتلك والله شهادة عظيمة من رب العباد ، لا يمكن أن ينالها بَشَر بعد انقطاع الوحي .
اسمع قوله سبحانه وتعالى :-
" لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً "
(الفتح/١٨)
فعلم ما في قلوبهم :-
أي من الصدق والوفاء والسمع والطاعة .
وما أحسن ما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :-
" من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات ؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة ؛ أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أفضل هذه الأمة ؛ أبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا ، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم ، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم " رواه ابن عبد البر في الجامع ، رقم (١٨١٠) .
الأحبة فى الله :-
مع قرب بدايةعام جديد هيا بنا نستقبله ونحن علي أخلاق الصحابة الأخيار وعلى دربهم نسير .
كي يخرجنا الله مما نحن فيه.
🤲اللهم أمين 🤲
ثالثا :-
وعد الله الحق لأهل الحق :-
وعد الله المهاجرين والأنصار بالجنات والنعيم المقيم ، وأحل عليهم رضوانه في آيات تتلى إلى يوم القيامة ، فهل يعقل أن يكون ذلك لمن لا يستحق الفضل !؟
وقد شهد لهم بالفضل سيد البشر وإمام الرسل والأنبياء ، فقد كان شاهدا عليهم في حياته ، يرى تضحياتهم ، ويقف على صدق عزائمهم ، فأرسل صلى الله عليه وسلم كلمات باقيات في شرف أصحابه وحبه لهم .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :-
" لا تَسُبُّوا أَصحَابِي ؛ فَوَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَنَّ أَحَدَكُم أَنفَقَ مِثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدرَكَ مُدَّ أَحَدِهِم وَلا نَصِيفَهُ
" رواه البخاري
لا بد أن نعلم أن الصحابة رضي الله عنهم ليسوا بمعصومين ، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة ، وإنما هم بشر يجوز عليهم ما يجوز على غيرهم .
وما صدر من بعضهم من المعاصي أو الأخطاء ، فهو إلى جانبِ شرف الصحبة وفضلها مغتفر ومعفو عن صاحبه ، والحسناتِ يذهبن السيئات ، ومقام أَحد الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم لحظة من اللحظات في سبيل هذا الدين لا يعدلها شيء .
ولما أذنب بعض الصحابة حين أخبر قريشا بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم بالجيش عام الفتح ، وهم سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقتله ، قال صلى الله عليه وسلم :-
" إِنَّهُ قَد شَهِدَ بَدرًا ، وَمَا يُدرِيكَ ؟ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهلِ بَدرٍ فَقَالَ :- اعمَلُوا مَا شِئتُم ، فَقَد غَفَرتُ لَكُم " رواه البخاري ومسلم (٢٤٩٤).
وغير ذلك من المواقف التي وقع فيها بعض الصحابة بالمعصية والذنب ، ثم عفا الله تعالى عنهم ، وغفرها لهم ، مما يدل على أنهم يستحقون الفضل والشرف ، وأنه لا يقدح في ذلك شيء مما وقعوا فيه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته ، فإن الآيات السابقة في فضلهم وتبشيرهم بالجنة ، أخبار لا ينسخها شيء .
رابعا :-
مواقف مشرفة للصحابة :-
عن أنس بن مالك رضي الله عنه
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان، قال:-
فتكلم أبو بكر فأعرض عنه، ثم تكلم عمر فأعرض عنه، فقام سعد بن عبادة فقال:-
إيانا تريد يا رسول الله؟ والذي نفسي بيده، لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا "
رواه مسلم.
هكذا وقع في هذه الرواية أن القائل سعد بن عبادة، وقال غيره أن القائل هو:-
سعد بن معاذ ، ويمكن الجمع بأن النبي صلى الله عليه وسلم استشارهم في غزوة بدر مرتين، الأولى:-
وهو بالمدينة أول ما بلغه خبر العير مع أبي سفيان فكانت حينئذ قولة سعد بن عبادة وذلك ظاهر في رواية مسلم، والثانية كما في رواية أخرى ـ:
بعد أن خرج من المدينة وحينئذ كانت قولة سعد بن معاذ .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:-
كان الصحابة أعلم الأمة على الإطلاق، وبينهم وبين من بعدهم في العلم واليقين كما بينهم وبينهم في الفضل والدين؛ ولهذا كان ما فهمه الصحابة من القرآن أولى أن يصار إليه مما فهمه من بعدهم ، فانضاف حسن قصدهم إلى حسن فهمهم ، فلم يختلفوا في التأويل في باب معرفة الله وصفاته وأسمائه وأفعاله واليوم الآخر، ولا يحفظ عنهم في ذلك خلاف لا مشهور ولا شاذ .
فكانت نصوص رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل في صدورهم وأعظم في قلوبهم من أن يعارضوها بقول أحد من الناس كائنا من كان ، ولا يثبت قدم الإيمان إلا على ذلك .
خامسا :-
أسباب النصر :-
إستمرار أخلاقهم وقوة إيمانهم
نجاتنا لنا :-
الأحبة فى الله :-
وإذا أراد الإنسان أن يختصر أسباب النصر فإنه يستطيع أن يقول:-
إن الله أعزنا بالإسلام فمتى ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله، وإذا تركت الأمة الجهاد كتب الله عليها ذلاً لا ينزعه حتى يراجعوا دينهم، فالعودة إلى الله سبب لكل خير، والبعد عن الله سبب لكل شروهوان.
ولابد من تربية جيل النصر المنشود على كتاب الله ومائدة السنة النبوية الشريعة، وإعادة النظر في مناهجنا، وخاصة الجوانب الحضارية المشرقة التي تعهد الأعداء إخفائها وتشويهها، والخير باق في أمة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فإن أمتنا لا تموت، ونحن نحتاج إلى لحظة صدق مع الله، وأحسن الشاعر حين قال:-
ولو صدقوا وما في الأرض نهرٌ ** لأجرينا السماء لهم عيوناً
ولأخضعنا لملكهم الثريا ** وصيرنا النجوم لهم حصوناً
وقال تعالى:-
((وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا))
[الجن:١٦].
قال لي شيخي :-
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان:-
فضل الصحابة على غيرهم ممن يأتي بعدهم من الأمة فضل لا يلحقهم فيه أحد ، ولا يسبقهم أحد...
بما خصهم الله عز وجل به على غيرهم ، من مزايا لا توجد في غيرهم.
أولها :-
وأعظمها صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم...
وثانيا:-
ما خصهم الله به من العلم، فإنهم أعلم قرون الأمة، فإن الله سبحانه وتعالى هيأهم لحمل العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورزقهم صفاء الذهن ، وزكاة النفوس وطهارة القلوب وأعطاهم قوة الفهم، والحفظ، فهم أعلم قرون الأمة .
حديث أبي سعيد المتفق على صحته: أن رسول الله قال: «الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد أذاني، ومن أذاني فقد أذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه».
عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته ) متفق عليه .
قال لي شيخي :-
وروى الطبراني في الكبير عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: لا تؤذوني في صاحبي، فإن الله بعثني بالهدى ودين الحق، فقلتم كذبت، وقال أبو بكر: صدقت، ولولا أن الله سماه صاحبا لاتخذته خليلا، ولكن أخوة الله. ألا فسدّوا كل خوخة إلا خوخة ابن أبي قحافة.
نتمنى أن نكون علي دروب الصحابة الأخيار والتابعين والسلف الصالح نسير ولسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم محافظين وبالقرآن الكريم عاملين.
اللهم أمين يارب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.