هناك،
حيث تختلط الألوان بين شفقٍ يحتضر وبحرٍ يبتلع الأفق،
يشعرني المكان بحضوره،
كأنّه يحدّق في داخلي،
يستخرجُ من صمتي ما أخفيته عن نفسي.
هذا الامتداد ليس مجرّد فضاء،
بل وعيٌ يرافقني،
يفكّك أسئلتي، ويعيد صياغتها بطريقة لا أستطيع الهروب منها.
أيها الغروب،
هل أنت مرآةٌ لزمنٍ يمضي
أم حقيقةٌ تذكّرني أن الفناءَ ليس نهاية؟
في كلّ تفصيلٍ من هذا المكان،
أجد نفسي تتعرّى أمامه،
كما لو كان يعرفني أكثر مما أجرؤ على معرفة ذاتي.
في انعكاسك على المياه،
لا أرى حكايات، بل أطياف احتمالات،
كلّها تحملني إلى مساراتٍ كنتُ أخشاها.
أكاد أسمع المكان يقول:
"أنتَ لستَ سوى ظلالٍ تمحوها ظلال أخرى،
لكنّك فيّ،
كما أنا فيك."
يا صمت اللحظة،
أنت لست هدنةً،
بل معركةٌ خفيّةٌ بين الحضور والغياب،
بين معنى يولد وآخر يتلاشى.
وفي هذا التجاذب،
أكتشف أن الغروب ليس حدثًا بصريًا،
بل حالةٌ ذهنية،
تجبرني على مواجهة سؤالٍ أبدي:
هل أنا من أعيش المكان،
أم أن المكان يعيشني؟