وَكَأسي مُحَيَّا مَن عَنِ الحُسنِ جَلَّتِ
فَأَوهَمتُ صَحبي أنَّ شُربَ شَرابهِم
بهِ سُرَّ سِرِّي في انتِشائي بنَظرَةِ
وبالحَدَقِ استغنَيتُ عن قَدَحي ومِن
شَمائِلِها لا من شَموليَ نَشوَتي
ففي حانِ سُكري حانَ شُكري لِفِتيَةٍ
بِهِم تَمَّ لي كَتمُ الهَوَى مَعَ شُهرَتي
وَلَمَّا انقضى صَحوي تَقاضَيتُ وَصلَها
وَلَم يغشَني في بَسطِها قَبضُ خَشيَةِ
وَأَبثَثَتُها ما بي وَلَم يَكُ حاضِري
رَقِيبٌ لها حاظٍ بخَلوَةِ جَلوَتي
وقُلتُ وحالي بالصبَّابَةِ شاهدٌ
وَوَجدي بها ماحِيَّ والفَقدُ مُثبِتي
هَبي قَبلَ يُفني الحُبُّ مِنِّي بَقيَّةً
أَراكِ بِها لي نَظرَةَ المتَلَفِّتِ
ومُنِّي عَلى سَمعي بلَن إن مَنَعتِ أَن
أَراكِ فمِن قَبلي لِغيرِيَ لذَّتِ
فعِندي لسُكري فاقَةٌ لإِفاقَةٍ
لَها كَبِدي لَولا الهَوى لم تُفتَّتِ
وَلَو أَنَّ ما بي بِالجِبالِ وَكانَ طُو
رُ سِينا بها قبلَ التَجلِّي لدُكَّتِ
هَوى عَبرَةٌ نَمَّت بِهِ وجَوىً نَمَت
بِهِ حُرَقٌ أدوَاؤُها بِيَ أودَتِ
فَطُوفانُ نوحٍ عندَ نَوحي كَأَدمُعي
وَإيقادُ نِيرانِ الخَليلِ كلَوعَتي
وَلَولا زَفيري أَغرَقَتنيَ أَدمُعي
وَلَولا دُموعي أَحرَقَتنيَ زَفرَتي
وَحُزني ما يَعقوبُ بَثَّ أقلَّهُ
وكُلُّ بِلى أيُّوبَ بعضُ بلِيَّتي
وآخِرُ ما لاقى الأُلى عَشِقوا إلى الرْ
رَدَى بعضُ ما لاقيتٌ أوَّلَ مِحنَتي
فلَو سَمِعَت أذنُ الدَّليلِ تَأَوُّهي
لآلامِ أسقامٍ بِجِسمي أضَرَّتِ
لَأَذكَرَهُ كَربي أَذى عَيشِ أزمَةٍ
بِمُنقطِعي ركبٍ إِذا العيسُ زُمَّتِ