samedi 4 janvier 2025

رأيتك أيها الليل تتسلل خفية نحو غرف الأطفال، أولئك الذين يمارسون الدمع، ويجيدون حياكة الحزن، تضع العتمة في قلوبهم، وتعلِّق سوادك في أعينهم البريئة، رأيتك أيها الليل تصطاد أحلامهم التي لازالت في المهد وتصيِّرها عتمة أخرى، رأيتك أيها الليل تصطاد سعادتهم وتهديها للرِّيح، لذلك عندما كبروا كانوا دائما يبحثون عن شيء ما، ويلجؤن للإبتعاد كأن في العبد نجاتهم، رأيتك بكل السواد العائم في قلبك، وبكل النجوم الخافتة التي تتدلى من عنقك تقتل براءتهم وتشيعها قبل بزوغ الفجر.

عندما كبروا، تساءلوا كثيرا، لماذا نحن حزانى؟ ولماذا كلما مضينا نحو الفجر تسبقنا العتمة وتطفئه؟ ولماذا ليس لنا حلم كالآخرين، حلم نمشي إليه، حلم نشيعه حين تقتله الحياة؟

مضوا جميعا، يتلمسون الجدران الصدئة، والعتمة ترافقهم، والوحدة تشيخ معهم، والحزن يحفر بمعوله قلوبهم الهشة، كانوا أطفالا بسطاء، كانوا يربون أحلامهم على مهل، ويربتون على وحدتهم حين تضجر من صحبتهم، كانوا حائرين لكنهم لم يسألوا يوما، لما نستيقظ في الصباح ونجد أحلامنا قد آختفت، ولما نحنُّ للعتمة، هم بسطاء لم يعلموا أن أحلامهم هي العتمة التي تنبض في ليلهم.

أدركوا ذلك عندما كبروا، لذلك أمضوا حياتهم المتبقية في التساؤل، ولم تكن الأجوبة جاهزة حينها، ولم تخترع بعدُ الكذبات البيضاء لتكون جوابا على كل أسئلتهم، أو ربما لم يكن هناك أحد ليكذب، ليسكت حيرتهم.

أيها الليل، إرتكبت جرما، ولازلت تعيد أخطاءك، تقتل البراءة، وتصيَّر الحلم عتمة، وتشرد السعادة في الريح!
- نور الدين كويحيا.

« الفراغ النفسي.. أسبابه وعلاجه » معظم الناس أصبحوا يشعرون بالفراغ... ليس الفراغ من قلة العمل... إنما يشعرون بالفراغ الباطني.. بالفراغ ال...