عندما كبروا، تساءلوا كثيرا، لماذا نحن حزانى؟ ولماذا كلما مضينا نحو الفجر تسبقنا العتمة وتطفئه؟ ولماذا ليس لنا حلم كالآخرين، حلم نمشي إليه، حلم نشيعه حين تقتله الحياة؟
مضوا جميعا، يتلمسون الجدران الصدئة، والعتمة ترافقهم، والوحدة تشيخ معهم، والحزن يحفر بمعوله قلوبهم الهشة، كانوا أطفالا بسطاء، كانوا يربون أحلامهم على مهل، ويربتون على وحدتهم حين تضجر من صحبتهم، كانوا حائرين لكنهم لم يسألوا يوما، لما نستيقظ في الصباح ونجد أحلامنا قد آختفت، ولما نحنُّ للعتمة، هم بسطاء لم يعلموا أن أحلامهم هي العتمة التي تنبض في ليلهم.
أدركوا ذلك عندما كبروا، لذلك أمضوا حياتهم المتبقية في التساؤل، ولم تكن الأجوبة جاهزة حينها، ولم تخترع بعدُ الكذبات البيضاء لتكون جوابا على كل أسئلتهم، أو ربما لم يكن هناك أحد ليكذب، ليسكت حيرتهم.
أيها الليل، إرتكبت جرما، ولازلت تعيد أخطاءك، تقتل البراءة، وتصيَّر الحلم عتمة، وتشرد السعادة في الريح!