يا امرأةً،
أتعلمين؟
حين غادرتِ ذاك المساء، تركتِ وراءكِ شظايا مني
لا ظلّ فيها، ولا ماء.
أخبريني،
لماذا تُتقنين الرحيل كأنكِ ريحُ الخريف،
تخلعينَ الأزهارَ وتمضين؟
أكنتِ تخشينَ نور صدقي،
أم أن الزيفَ كان أيسرَ من مواجهة الحبِّ في مرآة الحقيقة؟
يا امرأةً بلا اسم،
أتعلمينَ أن الرجل إذا أحبَّ،
أحبَّ بجذوره التي تضرب الأرض،
وإذا كره،
اقتلعَ نفسه كي لا تُثقلها أشواكُ الذكرى؟
لكنكِ لم تفهمي،
أن الكبرياء لا يبني جسوراً،
وأنكِ كلما تهتِ في صراعاتكِ الصغيرة،
كنتُ أتحولُ إلى مرآةٍ،
تُريكِ ضعفكِ الذي هربتِ منه.
أنا الآن،
أعيشُ بين جدرانٍ لا تُحادثني،
وفي ذاكرةٍ تأكل نفسها كالنارِ في الهشيم.
لكنني أُدركُ،
أن الألمَ مدرسةٌ علّمتني
كيف أخلقُ من خسارتي كونا جديداً.
أنتِ التي زرعت في قلبي الألم،
وأنا الذي صنعتُ من ألمي فلسفة،
لأكتبكِ صفحةً أخيرة
في كتابٍ لا أرغبُ بقراءته.
يا امرأةً لا أعرفُ إن كنتِ حقاً،
أم خيالاً صنعهُ فراغُ الروح،
شكرتُكِ،
لأنكِ أعطيتِني درساً:
أن الحبّ ليس معركةً لنربحها،
بل رحلةً نكتشفُ فيها حدودنا.
وأن الرجل،
إن خسرَ امرأةً لا تعرفُ قيمة قلبه،
لم يخسرْ سوى وهمٍ
عاش يراقصهُ في ليالي الصمت.
ذ. أحمد بلال