اكاديمية ‏العرب ‏الالكترونية ‏للشعر ‏والادب

الحلقة الثالثة

النسيان السيء :

النوع الثاني هو النسيان السيء وهذا يأتي من الشيطان الرجيم؛ والشيطان لا يلازم الإنسان طيلة الوقت قال تعالى ( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) ق ١٦ ؛ بل هو يوسوس له وبعد ذلك تستلم النفس الأمارة بالسوء تلك الوساوس وتبقى هي من تشتغل في الإنسان ديناميكيا لا تحتاج إلى تفعيل . 

لكننا سنحتاج إلى توقفها وتعطيلها. 

الشيطان الرجيم يقدر كبره أصغر بكثير من فيروس كورونا الذي لا يرى ذلك الفيروس بالمجهر الإلكتروني؛ تخيل ذلك الموقف أيها الإنسان مع ذلك المخلوق الخرق ؛ ربما لا يصدق أحد تلك المقاربة ولكن الحقيقة تكمن ها هنا ؛ قال رب العزة ( يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ) وهذه لا تعني أنه شفاف أو غير مرئي لأن كتاب الله ينطق بالحق فلننظر ماذا قال رب العزة عن السماء قال تعالى ( الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ) جعل لك قرينة تدلك على وجود تلك العمد وهي الحقول المغناطيسية ما بين الكواكب والنجوم . وجاء في الحديث النبوي الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ) وهذا لصغر حجمه حتى لا يؤثر على الخلاية الدقيقة ولا نشعر بوجوده لا بالتصوير x ولا بالأشعة الاخر . فما ظنكم بعد ذلك !؟ . 

الشيطان الرجيم عدو الإنسان لا مجال لنكران ذلك ولا يمكن أن نتصالح معه بكل العقود والمواثيق وهنا وقفة للأنتباه كي تعلم مدى خطره على الإنسان ليس لأنه سيء الخلق كما جاء في الأقوال السابقة بل لأنه خلق عدوا للإنسان قال تعالى ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) إن الشيطان لكم عدو بمعنى خلق لكم عدو ؛ فلا مجال للمجادلة أو حتى تجنبه فقط بل الحرص من مباغتته والأنقضاض على الإنسان . 

الشيطان الرجيم له القدرات الهائلة على الإنسان فهو يمرضه، ويسحره، ويخذله، ويحطمه، ويصيبه بالكآبة النفسية ، وينسي الإنسان، ....، وبعد ذلك يطلب منه أن يكفر بالله وهذا المطلب الذي تعاهد به مع الله سبحانه ، واليوم لنا واحدة من أفعاله مع الإنسان وهي النسيان.

النسيان هو حذف شيء من الذاكرة ولا يستطيع الإنسان بعد ذلك إسترداده والآخر ثانوي يسترده . 

الأمور التي يحذفها الشيطان من الذاكرة هي أمور مهمة لا يمكن أن ينساها الإنسان بسهولة، لأن الأمور المهمة تحفظ بالذاكرة بعيدة المدى - فيها تفصيل مهم في كتابي اللغة مبنى ومعنى - والإنسان في حياته اليومية يعتمد على الذاكرة المؤقتة التي يحفظها العقل بحافظات التخزين لأيام قليلة أولساعات او سويعات وينتهي أمرها بعد ذلك. فيدخل الشيطان الرجيم لتلك الحافظات بعيدة المدى فيقرأ ما فيها من أمور مهمة فيبدأ بمحو ماشاء إلا ما يشاء الله سبحانه أن يبقيه؛ وهنا تبدأ المعركة عند محو تلك الملاحظة المهمة فهو يسحبها ويعطي الدماغ الايعاز بخروج ملاحظة مهمة عن طريق التهريب فيوعز العقل الماسح بأعتقال المهرب فأذا مسكه اضافه الى المنفى ولن يخرج أبدا والملاحظة لا تحفظ بعدها بالشكل الذي حفظت وإنما سيستنسخ منها ما هو مهم وترك التفاصيل ويحفظها مرة ثانية، وإذا لم يمسك به حذفت جميع المعلومة بتفاصيلها المخزنة في الذاكرة لأنها ستعتبر معلومة عاطله ، وهنا أكثر من يمر بها هو الإنسان الممتحن في الحياة ،أو المدرسة ، وكان أول حدث نقل إلينا في النسيان هو لنبي أدم، ومن ثم لغلام موسى عليهما السلام؛ وبعد ذلك كثرة الروايات عن حديث النسيان.

وللنسيان طريقين : نسيان لم يسمع لأنشغال الإنسان أما بلهو، أو نعاس، أو بوسوسة الشيطان الرجيم ، أو بالمعلومات التراكمية لدى الإنسان.

والطريق الثاني: هو سحب المعلومة من الحافظة كما اسلفنا أعلاه.

طرق الوقاية : ذكر الله سبحانه على الدوام، التسبيح ، الحمد لله ، الصلاة على النبي، قول الله أكبر ، التفكر بالملكوت الألهي، ... . هؤلاء يفعلون على تنشيط الذاكرة وجعل العقل في مهب الأستعداد. فلا يخاف عقباها. 

لكم مني أجمل التحيات وفي أجزاء أخر من كتابي اللغة مبنى ومعنى، وفي حلقات أخر من فلسفة الحياة والإنسان .

الباحث محمد عبدالكريم الدليمي