ليست النجوم مجرد زخارف ليلية في قبة السماء، بل هي تتلالا كعيون خفية تراقبنا من مسافات سحيقة، حاملة رسائِل غير مكتوبة من عمق الزمن.
النجوم ليست مجرد اضواء تلمع في السماء بل هي شظايا من الحقيقة، ومرايا تعكس هشاشة وجودنا في هذا الكون الواسع، حين نتاملها ندرك ان الضوء الذي يصل إلينا قد انبعث منذو ملايين السنين، وربما يكون مصدره قد مات منذ أمد بعيد، ومع ذلك يستمر وهجه في السفر متحديأ الموت والزمن، كان النجوم تهمس لنا حتى بعد الفناء وتقول يبقى الأثر.
النجوم ليست فقط دليلا على مرور الزمن بل هي أيضا رمز لقدر الإنسان وتوقه الدائم لفهم ما يتجاوز إدراكه، منذ فجر الحضارات رفع الإنسان راسة الى السماء باحثأ عن أجوبة لاسئِلة الوجودية، متسائِلأ عن مكانه في هذا النسيج الكوني
،كانت النجوم تقرأ ككتابات الهية، ترشد وتلهم لكنها في الوقت ذاته تذكره بحدود معرفته وعجزه أمام اتساع الكون، كل نجم هو بمثابة نقطة في مخطط هائِل لا نفهم تفاصيله ومع ذلك نجد فيه إنعكاسا لرحلتنا البشرية.
النجوم ليست فقط اجراما بعيدة بل هي دعوة للتامل في طبيعة وجودنا، هي تذكير بأن كل لحظة من حياتنا مهما بدت تافهة أو عابرة، تحمل في طياتها صدى الأبدية، وحين نرفع اعيينا إلى السماء لانري فقط انفجارات كونية، بل نرى قصة الإنسان، قصة مخلوق صغير في كون شاسع يحدق في العتمة، ويجرؤ على أن يحلم بالنور..
تلك النقاط المضيئِة في السماء ليست بعيدة كما نظن، انها تسكننا، تعكس رحلتنا في البحث عن المعنى، وتمنحنا بقينا بأن في قلب العتمة دائِما ضوء وفي قلب الفناء دائِما أثر،
قال تعالى:" فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ" (الواقعة، آية : 75 ـ 76).