dimanche 16 mars 2025

قراءة لقصيدة "1/ تداعيات زمن منفلت" لعبدالرحمان بكري(المقطع الأول) 

محمد هالي 
أ – القصيدة:
1 / تداعيات زمن منفلت 
  
وأنا أتصفح صورا عالقة على لوحة إسمنتية
في قلب حانة تتعثر في نورها الخافت
قبعة جيفارا تشاكس صلعة لينين
و المهدي وعمر وغرامشي
لم تطمر ابتسامتهم كل هذه السنين
حتى استفاقت ظلال أشباح من زمن مقصي
حركات لاشعورية 
في صيحة غيوانية .. 
”عايشين عيشة الدبانة ف البطانة “
تتعربد تفاصيل المكان 
على أحلام ثورية
فجأة على حسرة عابرة
انتحر الكأس من بين يدي 
إلى نصفين 
تعكر صفو السائل في النصف الأول
على خيبات الأعذار
المتراكمة فوق خطوط الجبين 
هزائم متوارثة 
ذات مرجعية تلتها 
عزائم برأس مثقوب 
والنصف الثاني يتزمزم من بقايا
جعة دامعة
انغرزت أقلام الرصاص 
تشرِّحُ جسدي النحيف 
تهادن أحقيتي في تناوب مطبوخ
على مقاربة الخنوع
سحَّت دمائي من خدش صغير
بأصابع يدي اليسرى 
أحصي تراجع عدد الموجات
الحانة تطفح بصخب السكارى
تنتشي على إيقاع كل الأغاني  
انتبهت لدمي السائل
المرأة الجالسة خلف الكونتوار
مدتني منديلا ورقيا
أوقف به لهفتي النائمة
في جسد مقموع
أومأ لها جرحي 
على خدها الناعم المكشوف  
أتفحص سيرة نبوءة ضائعة 
كانت توعدتني بقرابين الانتصار  
وبحركات من راحتها الناعمة 
اشتهيتُ ترميم جداري المنهار  
بقبلة منفلتة من عيون المتلصصين
والسائل يلهج برغبات منبوذة
داخل صوت قنينتي المتشظية
يتهجى بعض قراراتي
في جيوب ترددي 
يتبدد خلف أهدابي الناعسة
صدى قوي يستبيح خبايا
هواجس قابعة
شكلت علامتين متصلتين 
تعززت فيهما غيبوبتي
مقدس
الأسوار السلطات العالية
في الزحف المقنبل على الكم اللاهوتي
ومهندس 
البغي المكمل بأسرار الغول الرأسمالي
على خريطة سباق اقتسام
طورطة الحلوى.
عبدالرحمان بكري. 

ب – التحليل:
ان قصيدة عبدالرحمان بكري المعنونة ب "تداعيات زمن منفلت" تدخل ضمن ما أصبح يعرف بقصيدة النثر، إنه سرد يلامس تاريخا طويلا من تداعيات المغرب الأقصى، في أزمنة مختلفة، و قد اختار كاتبها بذكاء متبصر سرد الاحداث من خلال حانة سكر، و عربدة، كي يحلو للتداعي الحر المنبعث من صخب تلك الحانة، رصد وقائع مهمة، لا يمكن ان تنجلي الا في مثل زحمة السكارى و العربدة المختارين بعناية فائقتين، و ارتأى السارد أن يبدأ بتأمل لوحة فنية معلقة على جدار اسمنتي، تجمع شخصيات عالمية، مع شخصيتين محليتين، ان هذا الاختيار لم يكن مرحبا به، الا لكون هاتين الشخصيتين يمثلان خطا أيديولوجيا، له امتداداته على كافة المعمور: 
"وأنا أتصفح صورا عالقة على لوحة إسمنتية،
في قلب حانة تتعثر في نورها الخافت، 
قبعة جيفارا تشاكس صلعة لينين، و المهدي، وعمر، وغرامشي .. "
تجرني الاسماء الثورية إذن، و هي تتماثل في مقدمة القصيدة، رغم أن هناك بون كبير بين تلك الشخصيات، سواء على مستوى التنظير، او على مستوى الممارسة، فالقبعة ما هي إلا سيلا من الممارسات، و التضحيات في ادغال أمريكا القاسية الجغرافيا، و الفقر، ضد جبروت النهب الذي تكنه أمريكا الشمالية لجارتها الجنوبية، فكان الطقس باردا، و حارا، الى درجة أن الرصاص المتلاشي في الغابات ادى الى وفاته، بعدما حقق نصرا جزئيا في كوبا، تاركا أنينه متواصلا الى حدود عصرنا هذا، في باقي أرجاء المعمور، الى درجة أن شركات رأسمالية تحقد عليه، ترسم بطولاته في بعض احتفالات كرة القدم، أو منتديات ثقافية مختلفة، نظرا لما خلفه من شهرة ممارستية تفوق شركة كوكاكولا، او المنتوجات المغلفة بنهب بعض الدولارات، من الاسواق العالمية، و هذا أيضا يصدق على صلعة أتعبها التنظير، ليتطاير الشعر من أجل الظفر بأول ثورة عالمية في التاريخ، جرت طبقة المقهورين بأن تنعم بالسلطة، و لو في لحظة تاريخية قصيرة، اشعرت عبيد العالم أنهم قادرون على الصعود الى الأعلى، فقط يجب عليهم التكتل في وحدة انتماء لطبقة اجتماعية تبيع سواعدها لكافة الرأسماليين، و تنظم نفسها بخطط حزب أصلع، يوجه المعدمين الى الهدف المنتظر من أجل الاستفادة من الأرض التي هي لهم، و ليست لغيرهم، و شخصية ثالثة لم تستطع الظفر بأية سلطة على الواقع لكنها آمنت بشرارة الأصلع، و منظر لأيديولوجية المقهورين حينما صنعت البرجوازية حفار قبورها، لكنه استطاع رغم ذلك أن يبث نصائح للمثقف العضوي، من داخل زنزانته التي مكت فيها الى لحظة أفوله.
محمد هالي
(يتبع)

ومضات / اكتمل البدر؛ غارت النجوم. أحكم الليل وثاقه؛ استيقظت ضمائرهم. أشرق الصبح؛ ازدادو خجلاً. لفظ القلم أنفاسه; اختنقت الكلمات. وجد دابته؛ ...