ما أجمل أن تجد حضنا يحتويك ، عندما تترهل عضلاتك ، و يضعف تفكيرك
ما أجمل أن تجد من يحتويك عند الوحدة و حين التوحش و الانفراد .
ما أجمل أن تجد حولك من يملأ فراغك أوقات الحاجة و العوز ، فيزيل عنك وحشة الزمن و عزلة المكان .
أكثرنا لا يفكر في محطة الانفراد حين تنقضي لحظات القوة ، و تزول بهرجة المناصب ،لا نفكر في ساعة الرجوع لمرحلة الهدوء ، قد لا نعيرها اهتماما في لحظات القوة ، لا نعيرها اهتماما في لحظات زهونا ، يحصل ذلك ربما لجهلنا قانون دوران عقارب الساعة ،نعم لا نتبه أن العقرب الساعة يعود لنقطة الابتداء ، يعود لنقطة الصفر .
ربما يغرينا عنفوان مرحلة القوة ينسينا أننا بحاجة لاحتواء عاطفي في مراحلنا المتقدمة ، فذاك الذي كان يأمر و ينهي و يغضب و يحاسب أمسى بحاجة لاحتوائه، أمسى بحاجة لسد ضعفه ، هي حقائق لا يمكن القفز عليها أو تجاوزها .
ولعل ما يثير الاهتمام في حياتنا حرصنا على الاستقرار النفسي ، وطلب راحة النفسية ، و الذي يلزمه صناعة بيئة سليمة تراعي قيم التواصل الإيجابي ، و الذي حتما مسكنه الدفء الأسري والعائلي ، الناشئ في حضن تلك البيئة التواصلية ،التي تمنحنا الرعاية و توفير الآمان الذي يحرم منه من أنفسنا عن أصالة المجتمع و قيمه الذي يشعر فيه الجميع بالحب و التفاهم و التكافل .
حين نتكلم عن الاحتواء الإيجابي الذي تحترم فيه الخصوصية في غير مغالاة ، فيه يشعر كل واحد في هذه البيئة الاجتماعية باحترام خصوصية الآخر ، تحمى فيها العلاقات بوشائج الاحترام والتفهم ، يدعمها التوقير و الاحترام المتبادل ،
وحين ننشد الاحتواء العاطفي من باب أنه يمثل ملاذا آمنا لحياتنا وحين نستشهد بباقة من الأقوال المأثورة حتى نؤكد أهمية الملحة لهذا المطلب الحياتي المهم ، لنتمعن هذه الكلمات الراقية المدعمة لما ذكرته في مقالي.
وقد أخذت تلك القطوف من النت للأمانة العلمية .
-"الاحتواء هو أن تجعل الآخر يشعر بأنه مفهوم ومقبول رغم اختلافه، وأن تمنحه طمأنينة وجودك في حياته."
- "الحب ليس فقط كلمات، بل هو أيضًا احتواء صادق للقلوب في أوقات الحزن والفرح."
- "الاحتواء العاطفي هو أن تكون يدًا تمسك بالآخر حين يوشك على السقوط."
- "لا يكفي أن تحب أحدهم، بل يجب أن تحتويه بكل ما فيه من نقاط قوة وضعف."
- "الصداقة الحقيقية هي التي تجعلك تشعر بالاحتواء دون قيد أو شرط."
وخلاصة لما تناولناه يمكن القول إن الاحتواء العاطفي يسد حاجيات الفطرة الإنسانية التي توفر الاندماج الاجتماعي بين مكوناته، كما يساعد على الحفاظ على العلاقات الرحمية التي حاطها الشارع الحكيم بالرغاية و الحماية ، و يمنحها المناعة الصحية كي تدوم و ترتقي ، كما تجنب هذا الاحتواء المجتمع من سلبية التفكير الذي تعيشه المجتمعات الغارقة في أوحال المادة المتوحشة ، التي صنعت بيوت الإيواء للعجزة و هي في الحقيقة صورة مظلمة لانعدام هذا المكون العاطفي المهم في حياتنا .
الأستاذ حشاني زغيدي