«(١٩)» نفحات وتجليات رمضانية «(١٩)»
★ (الإعجاز القرٱني) ★ د/علوي القاضي ★
... حينما كنت أجهز لمحاضراتي في قناة الفتح عن (إعجاز الله في خلق الإنسان) ، كان يراودني مسألة : هل نعتبر القرٱن مرجعا علميا موثوق به ، ونقيس عليه الإكتشافات الحديثة أم العكس ؟!
... هناك من رأى أن القرٱن هو المرجع ، لأنه كلام الله خالق الكون ، بما فيه من إنسان وحيوان وجبال وأنهار وبحار ورياح وفضاء وكواكب ونجوم ، إذن فكلام الصانع مصدق لأنه أعلم بصنعته ، فإذا حدثنا عنها فهو صادق ، وأنا أميل لهذا الرأي ، لأننا مهما إكتشفنا من معلومات علمية ، فلانصل إلى الحقيقة الكاملة فكلام الله من ١٤٥٠ عام ، حيث لم يوجد معامل ، أو مراكز أبحاث تكتشف كل ماذكر في القرٱن فهذا يعتبر من الإعجاز العلمي للقرٱن
... وأصدق مثال هو تطور الجنين الذي لم يكتشف إلا بعد إختراع أجهزة الأشعة التليفزيونية ، رغم أن القرٱن ذكرها وصفا وتفصيلا ، وكان ذلك سببا في إسلام عالم الأجنة (كيت مور)
... كل ماسبق يجيب على التساؤل : أيهما خادم للأخر القرأن أم العلم ؟! ، أقول أن القرٱن خادم للعلم بمعنى أن القرٱن هو المصدر ، والعلم إذا ماخالف ماذكر في القرٱن فمن المؤكد أنه على خطأ ، ويحتاج لتكثيف البحث للوصول للحقيقة المطابقة للقرٱن
... أخي الكريم بعد قراءة هذا البحث سنجد أن القرٱن هو المرجع العلمي الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه ، ولانملك إلا أن نقول سبحان من أبدع في صنعه ، وجعل خلقه خاضع لارادته ومشيئته وهم تحت إمرة حرفين من كلام رب العالمين (كن) (فيكون)
... علماء الغرب إﻛﺘﺸﻔﻮا ﺣﻴﻮﺍنا ﻻﻳﺸﺮﺏ ﺍﻟﻤﺎﺀ على الإطلاق ، رغم أنه يعيش في الصحراء القاحلة المجدبة !
... إعتقدوا أنهم إنتصروا على الإسلام ، ﻭﻓﺮﺣﻮا ﻷﻧﻬﻢ ﻭﺟﺪﻭا حسب زعمهم الباطل ﻣﺎﻳﻜﺬﺏ ﺍﻟﻘﺮﺃﻥ ويبطله ويظهر تزييفه أمام المسلمين ، هذا ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻝ ، (ﻭَﺟَﻌَﻠْﻨَﺎ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻤَﺎﺀ ﻛُﻞَّ ﺷَﻲْﺀٍ ﺣَﻲٍّ)
... وهؤلاء رد عليهم القرأن بقوله (ﻭَﻳَﻤْﻜُﺮُﻭﻥَ ﻭَﻳَﻤْﻜُﺮُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﺧَﻴْﺮُ ﺍﻟْﻤَﺎﻛِﺮِﻳﻦَ) ، ولأن ﺍﻟﻠﻪ عز وجل هو الخالق والصانع وهو الأعلم بخلقه وهو القائل (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) وهو صاحب الصنعة التي تليق بجلاله وعظمته وقدرته المطلقة كان أعلم بخلقه (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) ، ولذلك ﺗﺘﻌﺪﺩ ﻋﺠﺎﺋﺐ الخالق عز وجل ، ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ عظمته ﻭﻗﺪﺭﺗﻪ وسلطانه ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ، فهذا اﻟﺤﻴﻮﺍﻥ ﺍﻟﺬﻱ لايشرب الماء أبدا ، ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺠﺎﺋﺐ ما يأخذ الألباب ويجعلك تقف عاجزا أمام قدرة الله ، وتكذب إدعاءات أعداء الإسلام
... كلنا نعرﻑ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻟﻠﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺔ على وجه العموم ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ (ﻭﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻛﻞ ﺷﺊ ﺣﻲ) ، نعم ، ﻓﻜﻞ ﺷﺊ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﻟﻠﻤﺎﺀ ﻟﻠﺒﻘﺎﺀ ﺣﻴﺎ ، هذا أمر لاشك فيه ، ﻭﻫﺬﺍ حكم عام ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺔ دون إستثناء ، ﻭﻟﻜﻦ إكتشاف ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ لهذا الحيوان الغريب العجيب ، يجعلنا نقف أمامه حائرين ، ولكن ثقتنا أن كلام الله في القرٱن صدق ، يجعلنا نعيد النظر والبحث في سمات ذلك الحيوان
... ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ يسمى (ﺍﻟﻔﺄﺭ المسمى باﻟﻜﻨﻐﺮ ﺍﻟﺒﺮﻱ) ، يعيش ﻓﻲ ﺻﺤﺮﺍﺀ (نيفادا بأﻣﺮﻳﻜﺎ) وﻻ ﻳﺸﺮﺏ ﺍﻟﻤﺎﺀ أبدا ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ، أخذ العلماء هذا المخلوق ﻭﺿﻌﻮﻩ ﻓﻲ ﻣﺰﺍﺭﻉ ﻭﺣﺎﻭﻟﻮا ﺃﻥ ﻳﺴﻘﻮه اﻟﻤﺎﺀ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ أنه (مات) ، كيف هذا ؟! ، ﻣﻊ ﺃﻥ ﺍﻵية ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺗﻘﻮﻝ (ﻭﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻛﻞ ﺷﺊ ﺣﻲ)
... إﺫﻥ ﺃﻳﻦ ﺍﻟﻤﺨﺮﺝ هنا ؟! وكيف نوفق (الإكتشاف مع النص) ، إذن بدلا من تكذيب النص نقوم بمزيد من الأبحاث ، وتأتي المفاجأة
... بعد المزيد من دراسة هذا الحيوان ، ﻭﺟﺪﻭﺍ ﺃﻧﻪ وحده عالم متكامل ، فباﻹﺿﺎفة إلي جهاﺯﻩ ﺍﻟﻬﻀﻤﻲ ﻭﺍﻟﺘﻨﻔﺴﻲ ﻭﺍﻟﺪﻭﺭﻱ أيضا ﻳﻮﺟﺪ ﻟﺪﻳﻪ (ﻣﺼﻨﻊ متكامل للإنتاج ﺍﻟﻤﺎﺀ) ، (ﺻُﻨْﻊَ ﺍﻟﻠﻪِ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺃَﺗْﻘَﻦَ ﻛُﻞَّ ﺷَﻲْﺀٍ) ، كيف ؟!
... ﻳﺄﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺒﻮﺏ الـ (ﺟﺎﻓﺔ ﺟﺪﺍ) ، وﺑﻌﺪ ﻫﻀﻤﻬﺎ ﺗﻨﺘﺞ غاﺯ ﺍﻟﻬﻴﺪﺭﻭﺟﻴﻦ ، ﻭﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻛﺴﺠﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ، ﻓﻴﻘﻮﻡ ﻣﺼﻨﻊ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﺑﺘﺮﻛﻴﺐ ﺫﺭﺗﻴﻦ ﻣﻦ (ﺍﻟﻬﻴﺪﺭﻭﺟﻴﻦ) ﺍﻟﻨﺎﺗﺠﺔ من الهضم ﻭ ﺫﺭﺓ ﻣﻦ (ﺍﻷﻛﺴﺠﻴﻦ) ﺍﻟﻨﺎتج ﻣﻦ ﺍلتنفس ، ﻭهنا ﻳﻜﻮﻥ إنتاج ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ فلا حاجة للحصول على ماء من الخارج
... وهنا يظل ﺍلقرأن العظيم الحكيم معجزة لكل العصور إلي قيام الساعة (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه) ، حقا (ﻭﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻛﻞ ﺷﺊ ﺣﻲ) ، (ﻫَٰﺬَﺍ ﺧَﻠْﻖُ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻓَﺄَﺭُﻭﻧِﻲ ﻣَﺎﺫَﺍ ﺧَﻠَﻖَ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻣِﻦ ﺩُﻭﻧِﻪِ ۚ ﺑَﻞِ ﺍﻟﻈَّﺎﻟِﻤُﻮﻥَ ﻓِﻲ ﺿَﻠَﺎﻝٍ ﻣُّﺒِﻴﻦٍ) ، فليس لنا إلا أن نقول بقلب كله ثقة وإطمئنان في إعجاز الله في خلقه :
.. (سبحان الحي الذي لا يموت ومن بيده الملك والملكوت)
... وكل عام وحضراتكم بخير