mercredi 30 avril 2025

وصايا العدم الأخيرة
بقلم:جــــــــبران العـــــــشملي 
«━━▣━━◤◢━━━▣━━━◤◢━━»
إنه وقتٌ عصيب
طائرُ الموت لا يزال يُحلّق،
وفي أعقابه، يسيرُ الخوفُ والفزعُ،
يجوبان البلاد،
كأنّ الأرضَ لم تعد تعرف غير الذعر وطنًا.

السماءُ محارةٌ مغلقة،
تخفي صرخةَ الآلهةِ القديمة،
تتناثرُ النبوءاتُ كرمادٍ أخرس
على وجوهِ العابرين بلا ظلّ،
ولا أحد يُصغي للريح
حين تهمس: "كلكم هالكُون."

الدمُ يصيرُ لُغة،
والرغيفُ قصيدةً مبتورة
تُتلى في حضرةِ جوعٍ لا يشبع.

أنا الهاربُ من نفسي إليّ،
أشدُّ لجامَ الليلِ على عنقِ القصيدة،
وأقولُ للكون: "كفى!"
لكنّه يضحك،
كأنّه يعرفُ أنني
مجردُ فكرةٍ
تشبهُ الله
وتنزف.

أصابعُ الوقتِ تنبشُ رأسي
كأنها تبحثُ عن مدينةٍ مفقودة،
عن صلاةٍ لم تُؤدَّ،
عن طفولةٍ سُرقت من فمِ الذكرى،
ولا شيء يعود.

الوجوهُ مرايا مكسورة
تعكسُ كوابيسَ من دخانٍ،
تضحكُ مثل مجانينَ
توضأوا بالحرب
وصلّوا للعدم.

العاشقون هنا
يكتبون أسماءهم على القذائف،
ويهدون قلوبهم
لحقولِ الألغام،
كأنَّ الحبَّ لا يكتمل
إلا إذا تعثّر بالدم.

أيّها العالم،
أيّها الشبحُ الذي عبرَ دون أن يعتذر،
أيّها اللهُ الغامضُ في خرائطِ العدم،
أخبرني—
هل خُلقتَ من وجعٍ يشبهنا؟
أم نحن الذين
خلقناكَ كي لا نجنّ؟

الصمتُ الآن سيّدُ هذه البلاد،
يمشي على عكازٍ من صلواتٍ ميتة،
وكلّما نطقَ أحدهم،
انكسرَ اسمه
وصارَ ترابًا.

لكنّني ما زلتُ أكتب،
كأنّ الحرفَ سلاحٌ خفيّ،
كأنّ اللغةَ طوفانٌ نجوتُ به من بلعِ الحقيقة.
أكتبُ… لا لأُنقذ أحدًا،
بل لأحرقَ صمتي،
لأفضحَ جرحًا
تآمرَ عليه الجميعُ بالنسيان.

في داخلي مدينةٌ مقلوبة،
شوارعُها تذهبُ إلى الأعلى،
وبيوتُها تسكنُ في السماء،
أما الموتُ،
فهو طفلٌ صغيرٌ
يرسمُ بالطباشير
قبورًا تضحكُ على الأحياء.

أنا ابنُ العدم،
وشقيقُ الرؤيا،
أصادقُ الأشباحَ
وأشربُ نبيذَ الغموض من كأسِ المجاز.

ربما لا أعود،
وربما أعودُ شبحًا يكتبُ على الجدران:
"من هنا عبرتُ…
وكنتُ لا شيء
إلا قصيدةً رفضت أن تموت."

-شلال أوزود-  بلا انقطاع يصب صافيا زلزالا  شلال قطرات تائهة تسعى للملمة رذاذها شلال  مشرعة الأفق تحاكي زخات المطر شلال شافي الغليل يتهاوى في...