jeudi 3 avril 2025

** صفـحـة من دفـتر قـديم ** 🖋 الاستاذة فاطمة لغباري

الجـزء الرابـع عشـر من روايتـي 
** صفـحـة من دفـتر قـديم **

   ✍🏻 فاطمـة لغـباري

       (أصـداء الغـيـاب)

في خـضم الصمـت ... يتـردد صـدى غـيـابـه، ينسـج من الحـنين وشـاحـا يلـفّ كيـاني في دروب الذاكـرة.

كـيف لصوت كنت أروي بـه فصول حـيـاتي أن يخـفت فجـأة؟
كـيف لضحـكة كانت تضـيء عـتمـة روحـي أن تغـدو صدى بعــيداً؟
وأي لهفــة تلك التي يوقظهـا الغـيـاب؟
وأي ترقـب ذاك الـذي يثـني الأمـل؟

••• انقـضى شهـر كامـل على اخـتفـائـه المبـاغـت، وكأنـه انسـلّ من صفحـات المـاضي دون وداع. 
حـتى رنيـن هـاتفـه بـات أشـد صمـتـا من الليـل ذاتـه؛ صمـت يتآمـر مع غـيـابـه. لم يتبق لي سـوى ذلك الصوت الآلـي البـارد :

          "الرقـم المطلـوب غير متـاح حـاليـا." 
 
خـلّف وراءه ثقــلا يمـلأ المسافـات بين أنفــاسي، وأضحـى الفـراغ ظـلا يلازمـني؛ يحـثني على التوغـل في كل زاويـة بحـثـا عن أثـره.

استأنفـت الرحـلة إلى الـدار البيضـاء، المـدينـة الصاخـبة، حيث شهـدت ولادة أحـلامـنـا وتطلعـاتنـا، واحتضنـت ذكـرياتنـا معـا بين أحـيـائهـا.
توجـهت إلى الأمـاكن التي كنـا نرتـادهـا في درب السلطـان، أستعـيد ضحكاته المتنـاثرة في التفـاصيل، وحكاياته التي لا تنتـهي ... 
سـرتُ في الشـوارع التي ضمّـت خطـواتنـا، أتفـرس الوجـوه المـألوفـة، علّـني ألمـح طيفـه بينهـا، أو خـيطا يقـودني إليـه.

مـررت بمقـهى "الأمـيريـة" عـند نـاصيـة الشـارع القـديم، حيث اعـتـاد الجلـوس كل مسـاء. 
بخـطوات متـرددة، اقـتربت من النـادل وعلى وجـهه علامـات تعـاطف صامـتة، سألـته بصوت خـافـت :
      "هل لا يزال حسـن يرتـاد المقـهى؟" 

هـز رأسـه نـافـيـا :
      "عـذرا، لـم أره منذ فـترة"

جلـست في ركـنه المألـوف، أحـتسي قهـوتي المعـتمرة بذكـريـاته. وفي كل رشفـة، كنت أتـرقب طيفــه أن يظهـر ليمـلأ الفـراغ. رفعـت بصـري للحـظة، فوجـدت المقعـد المقـابل خـاليـا فانغـمسـتُ في حـوار داخـلي مع نفـسي :

"كيف لمـدينـة صاخـبة كهذه أن تغـرق في صمـت مطبـق في غـيابـه؟
كيف تحـولت ضحكاتنا التي كانت تمـلأ الأرجـاء إلى أصداء بـاهـتة؟
أكان وجـوده في حـياتي حقـيقـة لا تقـبل الشـك، 
أم أنـه لـم يكن سـوى سـراب خـادع، أو حـلم عـابر انقـضى مع بزوغ الفجـر؟" 

اللحـظات كانت تمـر ببـطء، كظـلال رمـادية قـاتمـة. 
المقـهى بـدا غـريبـا عـني، والشـوارع رغـم أَلفـتِهـا موحـشة، كأنهـا تخـبئ وراء كل زاويـة ذكـرى ضائعـة.

في ذلك الجـو المثقـل بالغـيـاب، امـتدت يـدي إلى دفـتر يوميـاتي، مـررت بأصابـعي على صفحـاتـه، كمـن يحـيّي ذكـرى غـالـية، ثـم فتحـته فوجـدت نفـسي أكـتب لـه رسالـة بـلا عنـوان في الصفحـة البيضـاء، لتظل شاهـدة على غيـابـه المبـاغـت :

إليك حيثمـا كـنتَ، أقـرئك السـلام، أمـا بعــد ...

كـيف حـالك مـن دونـي أنـا؟ لا جـواب

أمـا عـني،
ففـراغ غيابـك يملـؤني،
والحـنين يهمـس في كيـاني
فأنشِـج باكـية، أتحـسر على أيـام خـلـت 
والذكـريـات تُحـيل أوجـاعي
هـا أنـا، وحـدي على الأرجـح، أستحـضر طيفـك في صمـت،
دون أن أقتـرف إثـم الإنتظـار.
مـذ غـبتَ عـني، مـا عـاد وجـهي يشبهـني. 

حـسـن، يـا أنـتَ ! أين عـني تواريـت؟
في أي ركـن، وفي أي أرض حللـت؟

اِقـرأ لهفـتي غيبـا، دون أن تهمـس بأي جـواب. 
وإن شمـمتَ عطـري يومــا، فاذكـرني بخـير.

• • • • • • • • • • • • •

بعــد أن خـطت يـدي آخـر حـرف في رسالتي، غـادرت المقـهى، وكأنني أجـر أذيـال الحـنين خلـفي، كان ثقــل الغـيـاب يزداد على صـدري، وكأن الضيـاع قـد نسـج خـيوطه حـولي. 
بـدت المـدينـة شاحـبة، والشـوارع التي كنـا نسـير فيهـا معـا غَـدتْ مسـارات صامـتة، تحـمل آثـار خطواتنـا السالفـة.
غـدوت هـائمـة على وجـهي، أتعـثر بظـلال الذكـريـات التي تحـفّني، أحـمل أمـلا واهـنا كنبض يتـردد في صمـت المسـافـات، بـأن ألقــاه مجـددا ولـو على تُخـومِ الحلـم.   

وفي نهـاية المطاف، أدركـتُ أن الحـب الذي نمـنحـه بإخـلاص لا يُفـنى، بـل يرتـدّ إلينـا بأساليب مبـاغـتة، حـاملا معـه عبـق الذكـريـات وأمـل اللقــاء.

إلى صفـحـة قـادمـة ...

هلوسة          ************* ذهبت الي العمل لأطلب اجازة  تعنت رئيسي في العمل وقال اغرب عن و جهي يا هذا  فقمت بصفعه علي و جهه  ...