ضربات القدر
بقلم شريف شحاته مصر
أخيراً حانت فرصتى لكى أقترب منه كنت أتناول فنجان قهوتي الصباحية يوم الراحة وجلست بجانبه هذا العجوز الأنيق جدا الذى لا يتحدث مع أحد ولا يتعامل مع أحد فقط يجلس وهو يضع ساقا فوق ساق ويرتدى الحلة القديمة الأنيقة وربطة العنق ونظارة طبية ملونة تخفى عينيه ويقرأ جريدة غربية حين بدأ يعاتب النادل على سوء البن وشاركته الرأى وبدأ التعارف قلت له أحمد البدرى مدير تعاقدات بأحد البنوك إبتسم وقال لى رضا سراج من الأعيان سابقا وحاليا أعيش على معاش شهرى من الدولة بعد التأميم والإفلاس أجبت بأسف الدنيا تتقلب ثم أضفت بتطفل لى إبنة فى المرحلة الإعدادية وإبن فى المرحلة الإبتدائية إبتسم وكأنه يشبع شغفى أبنائى فى أوروبا وأنا أرمل ومعى خادم هو كل ما بقى لى من المجد القديم ضحكت مازحا تشبه الممثل القديم يوسف وهبى بادلنى المزاح ولأول مرة أراه يضحك بقهقهة عالية أعادت إليه شيئاً من وسامته القديمة ورد تربطنى به صلة قرابة بعيدة ثم إنتبهنا على صوت إمرأة متوسطة العمر تقود سيارة فارهة فاخرة تسب وتقذف بأسوأ وأقذر السباب والشتائم أحد سائقى الأجرة لأنه مال عليها فى الطريق المزدحم أومأ العجوز رأسه بأسى قائلا الحياة تغيرت والناس لا تطاق الأخلاق أصبحت سيئة جدا والذوق فى الحضيض لذلك أتحاشى التعامل مع الناس أجبت بإختصار صدقت سراج بك حسنا فعلت بعد ذلك توطدت العلاقة معه وسرد لى ذكرياته القديمة فى الإسكندرية ورأيت بعض الصور مع النساء بين العشق والصداقة بل وسمعت منه بعض المعزوفات على البيانو من تأليفه فى شقته القديمة جدا ذات الطراز الإيطالى حتى إنقطع فترة عن الحضور إلى المقهى فذهبت إلى بيته للسؤال أجابنى الحارس العجوز قائلا بحزن رحل منذ أسبوع إنقبض قلبى وشعرت بغصة فى حلقى وصحت كيف أجاب الحارس كان يحضر حفلا موسيقيا بدار الأوبرا ومات بالسكتة القلبية أثناء عزف سيمفونية ضربات القدر.