بقلم جــــــــبران العشملي
«ــــــــــــــــ※※ـــــــــ☆ــــــــــــــ※※ــــــــــــــ»
يا صغيري...
يا آخر زهرةٍ نبتت في حقلٍ مفخّخٍ بالعناوين،
يا قمري الوحيد،
لماذا وُلدتَ في وطنٍ لا يُجيدُ تقبيلَ أبنائه
إلّا حين يودّعهم إلى الأبد؟
كنتُ أُعدُّ لكَ أبجديّةً من عسل،
وحكاياتٍ لا تنزف،
لكنني وجدتُ لغتي مبتورةً،
والحروف مذبوحةً على عتبات المدارس،
والدفاتر تئنُّ من ثقلِ الحداد.
يا طفلي...
لم أُهدهدك،
فالليل أطولُ من حلمٍ،
وأقسى من حضن لاجئ.
ولم أُعلّمك كيف ترسم طائرةً،
خشيتُ أن تشبه ظلال الطائرات التي تحوم فوقنا،
كغربان ذاكرةٍ لا تشبع.
أردتُ أن أغني لك "نام يا حبيبي"،
لكن حنجرتي كانت مبللةً بالنداءات،
مزدحمةً بأسماءٍ ضاعت في التراب،
قبل أن تنطق "ماما" أو "وطن".
يا صغيري...
حين تكبر وتسألني عن الحرب،
سأريك صورك التي لم تُلتقط،
وثياب العيد التي لم تُفتح،
وسأقول لك:
هذه ليست الحياة...
بل محاولةٌ فاشلةٌ لأن نبدو بشرًا.
آه يا ابني،
هل يمكنك أن تشرح لي
كيف يبدو الله في عيون الأطفال تحت الركام؟
هل رأيته حين أغمضت عينيك
هربًا من ضوءٍ لم يكن شمسًا؟
كنت تحلم بدراجة،
فصنعوا لك تابوتًا صغيرًا من خشب رخيص.
كنت تحب الحليب،
فأسكبوك بالحبر الأسود في شريط الأخبار.
كل دمعة منك الآن،
تميمة معلقة في عنق اللغة.
وكل ضحكة لم تولد،
نشيد حزين في صمت الكتب.
يا صغيري...
حين تنام الآن في ذاكرة التراب،
اعذرنا...
كنا نحاول أن نربي السلام،
فأنبت الحرب في ضلوعنا.