samedi 24 mai 2025

بقلم: الشاعر والكاتب والناقد والباحث أحمد أحبيز

« أنت خلقت للعبادة وللأخرة »

خلق الله عز وجل الإنسان لعبادته والعبادة هي توحيده بالآلهة والربوبية و يأتي هذا الأمر في المقام الأول من العبودية لأن التوحيد هو أساس جميع العبادات.. لأن الله عز وجل واحد لا شرك له كما أخبر بذلك عن نفسه سبحانه وتعالى في قوله ﴿ قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ﴾ لهذا الإخلاص في العبادة أمر مطلوب شرعاً، لأن التوحيد هو أساس الإخلاص. ومن منطلق مفهوم التوحيد الذي أوجبه الله تعالى على عباده قبل عبادته فإن كل عبادة فيها شَرِيك مع الله أو شُركاء.. سواء كان هذا الشِرك ظاهراً للعيان أو باطناً.. فهذه العبادة تعتبر باطلة لأنها لم تتحقق فيها شرط الإخلاص وهو ركن من أركان القبول، بل يعتبر أولها وأخرها، حيث أن عمل المسلم وعبادته تبدأ بنية الإخلاص لله وتختم بنية الإخلاص.. وإذا إنعدم الإخلاص فإن هذا العمل والعبادة ينسبان إلى الشرك والله تعالى قال ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ النساء (116) . وهذا يعتبر من أشد أنواع الظلال فالحدر الحدر من أن يكون العبد سبباً في إبطال أعماله من مختلف أنواع الخيرات.. ويبطل عبادته من صلاة و زكاة وغير ذلك في حالة دخلها الرياء والنفاق والسمعة.. أو بنية أن يقال فلان يتصدق ويقوم الليل ونحو ذلك.. أما إذا قيل للعبد أنه يفعل الخير ويشهد له الناس بالخير وهو لا يبتغي بعمله وعبادته إلا وجه الله فهذا من علامات بشرى المؤمن في الحياة الدنيا قال الله ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ يونس (63)(64 ). وإنما جعل الله شهادة المؤمنين للعبد بشرى له وخير له.. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم مروا عليه بجنازة فأثنوا عليه خيرا.. فقال «وجبت » ثم مرت عليه بجنازة أخرى فأثنوا عليه شرا فقال « وجبت » ثُمَّ قَالَ : « إِنَّكُمْ شُهَدَاءُ فِي الْأَرْضِ ». وهذا دليل واضح الدلالة يبين على أن شهادة الناس للعبد في الحياة الدنيا بأنه من أهل الصلاح والتقوى والخير .. هي بشرى له في الدنيا و الآخرة كما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم. فالله تعالى خلق الملائكة والجن والإنس لعبادته.. فأما الملائكة فمعصومون بأمرالله فهم يفعلون ما يؤمرون.. وبسبحون بحمد الله ويقدسونه وهم لا يسأمون كما بين الله تعالى هذا في قوله ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ التحريم الآية ( 6 ). وقد قالت الملائكة كما بين الله عز وجل في قوله عندما خلق أدام ﴿ ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ﴾. فالانسان خلق للعبادة وكثير من الناس لا يعبدون الله كما أمرهم بل يلعبون ويلهون في الدنيا خلف انفسهم وهواهم وشهواتهم.. فيزيدهم إبليس اللعين لهواً وكفراً وشركاً وبعداً من الله.. فتزيغ قلوبهم عن طريق الهدى والحق.. فيصبح الإنسان ويمسي أسير هواه وشهواته.. أسير ما يحب الشيطان ويميل إليه وما يزين له من الأفعال القبيحة و الفواحش.. فيصير هذا الإنسان سجين نفسه وهواه مطيعاً لشيطان فيما يأمره به من مختلف أنواع الفواحش وغير ذلك كأنه خلق عبثاً.. للعب وللهو.. ولعب واللهوي هما طريق الظلم والفساد والكفر و الجحود.. وقد أقسم إبليس على إغواء بني أدام أجمعين بمختلف الطرق.. كما أخبر الله تعالى بهذا في قوله ﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ ص (82) (83). والعباد المخلَصين الذي أخلصهم الله لنفسه وهم الأنبياء فلا سبيل لإبليس في الوصول إليهم.. أما العباد المخلِصين بكسر اللام هم المسلمين كافة لأن الشيطان يصيبهم بما يلقي في نفوسهم وقلوبهم من الوساوس.. لهذا التوبة والاستغفار أمر مرغب فيه بعد كل ذنب صغير كان أو كبير . فالله تعالى لم يخلق الإنسان عبثاً وإنما خلق الإنسان لغاية وهي محصورة بين الخروج إلى الدنيا و الرجوع إلى الأخرة ألا وهي العبادة، فهي حق الله على جميع الخلائق وعلى رأسهم الإنسان الذي سخر له ما في البر وما في البر.. وكل عاقل مسلم إذا أدرك أن رجوع المخلوق إلى خالقه وهو الله تعالى لا مفر منه.. كما بين الله تعالى هذا في قوله قال ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ المؤمنون (115). فالله عز وجل خلق الإنسان وجعل خلقه مميزاً عن باقي الخلق وهذا يعتبر تكريماً له ولي أصله الأول ( ادام) وهذه نعمة من الله عز وجل على الإنسان ، فقد خلق آدم بيده ونفخ فيه من روحه وأمر الملائكة بالسجود له وعلمه اسماء كل شيء.. علمه ما شاء الله أن يعلم من اسماء كل شيء.. وجعل له اختبار وامتحان في الأرض لا مفر منه مثله مثل الموت من نجح فيه فقد نجح ومن سقط فيه فقد سقط.. ولا لوم على أبينا ( ادام ) عليه والسلام حيث كان هو أول من عصى وتاب واستغفر .. وكل شيء بقدر ، فعلى المسلم إذا أذنب فعليه أن يتوب ويستغفر ثم يستقيم فهذه سنة ادام وعلى ذريته أن تتبع سنته.
للتذكير : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « احْتَجَّ آدَمُ ومُوسى ، فقالَ له مُوسى : يا آدَمُ أنْتَ أبُونا خَيَّبْتَنا وأَخْرَجْتَنا مِنَ الجَنَّةِ ، قالَ له آدَمُ : يا مُوسى اصْطَفاكَ اللَّهُ بكَلامِهِ ، وخَطَّ لكَ بيَدِهِ ، أتَلُومُنِي على أمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أنْ يَخْلُقَنِي بأَرْبَعِينَ سَنَةً ؟ فَحَجَّ آدَمُ مُوسى ، فَحَجَّ آدَمُ مُوسى ثَلاثًا. وفي الختام أقول: 
علينا أن نستيقظ من هذه الغفلة التي نعيش فيها جميعاً في هذا الزمان ، زمن الفتنة والهرج والتفاهة.. هذا الزمن الذي يحصد الناس حصداً إلى جهنم بسب اتباعهم الشهوات واضاعتهم الصلاة والصلاة هي أساس العبادة لأنها هي الفاصل بين الإسلام والكفر قال الله تعالى ﴿ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ مريم (59) . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر » وقوله كذلك « بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة » .
 لهذا فواجب على المسلم أن يستيقظ ويستقيم قبل أن تقظه سكرات الموت وإذا جاءت سكرات الموت قبل التوبة فقد فات الأوان، حينها يقال لكل غافل الذي أضاع عمر في اللعب واللهو الآن وقد عصيت قبل كما قيل لفرعون عندما نزلت به سكرات الموت فقال كما جاء في القرآن الكريم ﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ يونس الآية ( 90)(91 ).
فنحن لم تخلق لنخلد في الأرض نحن خرجنا إلى الدنيا عراتاً حفاتاً وسنغادر الدنيا عراتاً حفاتاً وسنقف بين يدي الله يوم العرض حفاتاً عراتاً... ألا ترى أن يوم خروجنا إلى الدنيا يشبه يوم خرجنا من الدنيا.. ويوم عرضنا وكل البشر في هذا الحال سواء.. فأين كانت عقولنا وبما إمتلأ قلوبنا وأين ما كنا نظن أنه ملكنا.. لاشيء بعد الموت باق .. لا شيء.. إلا ما قدم العبد لنفسه إن كان خيراً فخيراً وإن كان شراً فشراً .. وتذكر دائماً وأبداً أن الله تعالى خلقك وأوجدك في الحياة الدنيا لتوحيده ولعبادته كما جاء في قوله تعالى ﴿ وما خلقت الجن والإنسن إلا ليعبدون ﴾ فاعبد الله أيا الإنسان طوعاً وحباً كما أمرك ولا تكون من الكافرين خير لك في الدنيا والآخرة ، فإن أبيت فستعبده كرهاً عندما تصلى الجحيم حينها لا ينفع ندم ولا حسرة .
بقلم: الشاعر والكاتب والناقد والباحث أحمد أحبيز

((((((من غيرك بحبي الخلوص)))))) ♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕ من غيرك بحبي الخلوص وحده فاز من دون نقوص  يا من حس أنك تسيح  في ...