samedi 21 juin 2025

ويلٌ لأمةٍ أضاعت بوصلتَها

يَالوْجَعُ الحروفَ حينَ تكتبَ عن أمةٍ أصابَتْها لعنةُ الصمتِ فسقطتْ في الهوانِ وبلغتْ من الذلِّ أراذلَه
واستحالَتِ النخوةُ فيها رمادًا تذروهُ الرياحُ
أمةٌ تنزفُ ثم تمضي ترقصُ على مسارحِ الخرابِ
وترفعُ رايةَ الانتصارِ على جثثِ أبناءِها
العدوُّ كذئبٍ جائعٍ يعوي في كلِّ شبرٍ من أراضيِنا يدوسُ الأرضَ والعرضَ
يُغيّرُ رسمَ حدودها بدمِ شهداءِها
ونحنُ هنا نتراشقُ بخناجرِ الكلماتِ المسمومةِ ونُصوّبُ سهامَ اللومِ والعتابِ 
عَلَتْ أصواتُنا على بعضٍ وسقطنا في دهاليزِ التفرقةِ ومزّقتِ الطائفيةُ حبلَ وحدتِنا
أيُّ زمنٍ هذا الذي جعلَ هذا الضوءَ الأزرقَ يخطفُ أبصارَنا ويُغرِقُنا في بحرِ مواقعِه
حتى أصبحْنا نَخشى أن نطفو على السطحِ حتى لا نَرى حقيقةَ الواقعِ
غُصْنا في سراديبِ المحتوى السطحيِّ ونسينا أن هناك أمةً تُغتالُ وتَنْزفُ وتَموتُ بصمتٍ
الكلُّ يرتدي زيَّ البطولةِ يَحكمُ ويُدينُ في هذا العالمِ الافتراضيِّ بينما تُنكّسُ الرؤوسُ وتَركعُ أمامَ من اغتصبَ هويةَ الأمةِ وسلبَ أحلامَ أطفالِها
نسينا أن الدمَ الذي يجري في عروقِنا دمٌ واحدٌ وأن الجسدَ واحدٌ
جسدٌ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمى
لكنَّنا الآن نَرقصُ هنا وجرحُنا يَنزفُ هناك في مكانٍ آخرَ

تمادَتْ ذئابُ الفتنةِ وعلا نعيقُها
ونسينا أن من خلفَ الحدودِ لا يُفرّقُ بين سنّيٍّ وشيعيٍّ
من أجلِ مصالحِه تتساوى عنده كلُّ الطوائفِ والمذاهبِ
نسينا أن العدوَّ يتغذّى على تشتُّتِنا ويرتقي على أشلاءِ وحدتِنا
نرفعُ شعارَ الطائفيةِ
ونعلّقُ مشانقَ الحروفِ فخرًا وتباهيًا وننسى أن ما نفعله بأنفسِنا أكثرُ مما يفعله العدوُّ بنا
نرتقُ جروحَ الأمةِ في منشورٍ
نرفعُ رايتَها افتراضيا
وننساها واقعيا
وننتصرُ خياليا
فقط حتى نَجمعَ أكبرَ عددٍ من الإعجابِات
نتباهى ونستعرضُ العضلاتِ في الشاشاتِ
ونُطأْطئُ رؤوسَنا في الساحاتِ

وفي خِضمِّ كلِّ هذا التيهِ والانكسارِ
حُكّامٌ باعوا الصالحَ من أجلِ المصالحِ
باعوا المبادئَ بثمنٍ بَخسٍ وارتدوا زيَّ الانبطاحِ
ضيّعوا رايةَ الكرامةِ ومَرّغوا أنوفَهم في وَحلِ الخيانةِ ثم عادوا يُلقونَ الشعاراتِ
يُقايضوا دمَ الأبرياءِ بالعلاقاتِ
نهشوا غزةَ على موائدِ التطبيعِ
حاصرُوها قبل أن يُحاصرَها العدوُّ وأقفلوا عليها بقفلٍ من حديدٍ
غزةُ ليستْ فقط جرحًا بل قصيدةٌ خالدةٌ تُكتبُ بدمِ كلِّ الأحرارِ
كيف تركوها تَموتُ جوعًا وقهرًا تحتَ الركامِ
ما عادتْ تَسكنُ القلوبَ بل غريبةٌ بين ثنايا اللامبالاةِ

كيف ضاعتِ البوصلةُ من يدِ أمةٍ كانت خيرَ أمةٍ أُخرجتْ للناسِ رايتُها اللهُ أكبرُ تُرعبُ بها كلَّ من سوّلتْ له نفسُه التمادي

تاهتْ بوصلةُ الأمةِ وحادتْ عن طريقِ عزّتِها وانحرفتْ عن الاتجاهِ الذي يحفظُ كرامتَها وتشتّتتْ في طريقِ الطائفيةِ التي لا تخدمُ ولا تبني سوى مصالحَ العدوِّ

وماذا بعد هذا الصمتِ..؟؟
أما آنَ لهذه الأمةِ أن تعودَ إلى قِبلةِ الحقِّ
أما آنَ لمركبِ الموتِ أن يستكينَ
أما آنَ أن نلمَّ الشملَ في وطنٍ يحتضنُ الوجعَ دونَ أن تَكسرَه الفتنةُ
أما آنَ أن نستمدَّ من دماءِ أطفالِنا حِبرًا وكلمةً تَنهضُ بمجدِ هذه الأمةِ وتَحمي أبناءَها من السقوطِ في هاويةِ الجهلِ والتخلفِ
أما آنَ للضميرِ أن يَحيا ويصرخَ ويقولَ كفى
كفانا تفرقةً وطائفيةً
فدينُ اللهِ واحدٌ وشريعتُه الإسلامُ
نحن فقط مسلمونَ كما سمّانا اللهُ في سماه
ولا عزاءَ لمن صدّقَ أن الطائفيةَ تخدمُ الإسلامَ
وإن نسينا فإن اللهَ لا ينسى
من تاجرَ بالقضيةِ
ومن باعَها ومن اشترى

كفانا فتنةً
من كان يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فليقلْ خيرًا أو ليصمتْ

فاطمة مستل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اسمحوا لي أقدم لحضراتكم قصيدتي المتواضعة بعنوان                     يافاتح الشام  كتبت تاريخا لم ينضه كذب   ...