نصٌّ بقلم: د. عبد الرحيم جاموس
هُنا يَبقَونَ…
ليسَ لأنَّ المكانَ آمِنٌ،
بل لأنَّ في التُّرابِ سِرَّ النبوءة،
وفي المفتاحِ رَجفةُ العائدينَ من المنفى،
وفي وُجوهِ الجُدودِ شَمسٌ
لا تَغْرُبُ عنِ الزّيتون....
***
هُناك…
يَرحَلون،
كَأنَّ الأرضَ تَلفِظُهُم،
كَأنَّ البيوتَ تَرفُضُ وَقْعَ أقدامِهِم،
يَحمِلونَ الخوفَ في حَقائبَ خَفيفة،
ويَتركونَ خَلفَهُم
أسوارًا من دُخان،
ورائحةً من بارودٍ
لا تَعرفُ الصّلاة....
***
هُنا، يُولَدُ البقاءُ من رَحِمِ الحِصار،
ومِن رَحِمِ الدّمِ،
تُولَدُ الحياةُ بعِنادِ الصَّبّار،
فَالفلسطينيُّ لا يَسكُنُ المكان،
بَل يَسكُنُهُ المكانُ،
يُقيمُ في الزّاويةِ القَصيّةِ من القلب،
حيثُ لا يَصلُ الجُنودُ
ولا البنادقُ
ولا خَرائطُ الطُغيان....
***
هُناك…
يَزرعونَ الغيابَ
ويُسمُّونَهُ "أمنًا"...
هُنا…
نَزرَعُ الذاكرةَ
في مهبِّ النار،
ونَسقيها بما تَبقّى من دُموعِ الأمهات....
***
الفَرْقُ ليسَ في العدد،
ولا في العَتاد،
بل في المَعنى…
هُم عابِرونَ كَالنّبوءاتِ الزّائفة،
ونحنُ ...
جِذْرٌ
في عُمقِ هذا الانتماءِ.....!
د. عبد الرحيم جاموس
الرياض، 23 حزيران/يونيو 2025
Pcommety@hotmail.com